ووضعه في إطار يواكب تلك الأخلاقية ، لكي تصبح قوة دفع وتحريك ، كما كانت أخلاقية مناهج الاقتصاد الأوروبي الحديث عاملا كبيرا في إنجاح تلك المناهج ، لما بينهما من انسجام . فنظرة إنسان العالم الإسلامي إلى السماء قبل الأرض ، يمكن أن تؤدي إلى موقف سلبي تجاه الأرض وما في الأرض من ثروات وخيرات ، يتمثل في الزهد أو القناعة أو الكسل إذا فصلت الأرض عن السماء ، وأما إذا ألبست الأرض إطار السماء وأعطى العمل مع الطبيعة صفة الواجب ومفهوم العبادة ، فسوف تتحول تلك النظرة الغيبية لدى الإنسان المسلم ، إلى طاقة محركة وقوة دفع نحو المساهمة بأكبر قدر ممكن في رفع المستوى الاقتصادي . وبدلا عما يحسه اليوم المسلم السلبي من برود تجاه الأرض ، أو ما يحسه المسلم النشيط الذي يتحرك وفق أساليب الاقتصاد الحر أو الاشتراكي ، من قلق نفسي في أكثر الأحيان - ولو كان مسلما متميعا - سوف يولد انسجام كامل بين نفسية إنسان العالم الإسلامي ودوره الإيجابي المرتقب ، في عملية التنمية . ومفهوم إنسان العالم الإسلامي عن التحديد الداخلي والرقابة الغيبية ، الذي يجعله لا يعيش فكرة الحرية بالطريقة الأوروبية ، يمكن أن يساعد إلى درجة كبيرة في تفادي الصعاب ، التي تنجم عن الاقتصاد الحر والمشاكل التي تواجهها التنمية الاقتصادية في ظله ، عن التحديد الداخلي والرقابة غير المنظورة ، أي : يستند إلى مبررات أخلاقية . والإحساس بالجماعة والارتباط بها يمكن أن يساهم إلى جانب ما تقدم ، في تعبئة طاقات الأمة الإسلامية للمعركة ضد التخلف ، إذا أعطي للمعركة شعار يلتقي مع ذلك الإحساس ، كشعار الجهاد في سبيل الحفاظ على كيان الأمة وبقائها ، الذي أعطاه القرآن الكريم حين قال : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) [1] ، فأمر بإعداد