responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اقتصادنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 327


يبلغ التطور التاريخي هذه المرحلة الصناعية . ويقف الإسلام من هذا المنطق - الذي يرد كل وعي وفكرة إلى تطور الإنتاج - هازئاً ، لأنه استطاع أن يرفع لواء المساواة ، وأن يفجر في الانسانية وعياً صحيحاً وإدراكاً شاملاً ، واستطاع أيضاً أن يعكس جوهرها في واقع العلاقات الاجتماعية ، بدرجة لم تصل إليها البورجوازية . استطاع أن يقوم بذلك كله قبل أن يأذن الله بظهور الطبقة البورجوازية ، وقبل أن توجد شروطها المادية بعشرة قرون . . فقد نادى بالمساواة يوم لم تكن قد وجدت الآلة فقال : ( كلكم لآدم وآدم من تراب ) [1] . و ( الناس سواسية كأسنان المشط ) [2] . ( لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ) [3] .
فهل استوحى المجتمع الإسلامي هذه المساواة من وسائل الإنتاج البورجوازي ، التي لم تظهر إلا بعد ذلك بألف سنة ؟ ! أو استوحاها من وسائل الزراعة والتجارة البدائية التي كان المجتمع الحجازي يعيش عليها ، وهي وسائل كانت توجد بدرجة أكثر نمواً وأعظم تطوراً في مجتمعات عربية وعالمية أخرى ؟ ! فلماذا أوحت إلى المجتمع الحجازي بفكرة المساواة ، وجندته للقيام بأروع دور تاريخي في سبيل تحقيق هذه الفكرة ، ولم تصنع ، نظير ذلك مع المجتمعات العربية في اليمن أو الحيرة أو الشام ؟ !
وتحدى الإسلام أيضاً حسابات المادية التاريخية مرة أخرى ، فبشر بمجتمع عالمي يجمع الانسانية كلها على صعيد واحد ، وعمل جاهداً في سبيل تحقيق هذه الفكرة ، في بيئة كانت تضج بالصراع القبلي ، وتزخر بآلاف المجتمعات العشائرية المتناقضة ، فقفز بتلك الوحدات إلى وحدة إنسانية كبرى ، وتسامى بالمسلمين من فكرة المجتمع القبلي الذي تحده حدود الدم والقرابة والجوار ، إلى فكرة المجتمع القبلي الذي لا يحده شيء من تلك الحدود ، وإنما تحده القاعدة الفكرية للإسلام . فأي أداة إنتاج حوّلت أولئك الذين كانت تضيق عقولهم عن فكرة المجتمع القومي ، فجعلتهم أئمة المجتمع العالمي والدعاة إليه في فترة قصير ؟ ! .



[1] تحف العقول ص 33 .
[2] تحف العقول ص 387 . ولكن فيه لفظة سواء بدل سواسية .
[3] كنزل العمال ج 3 ، ص 699 ، حديث 8502 .

327

نام کتاب : اقتصادنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 327
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست