فلسفة عبارة عن وجهة نظر طبقة ما ، عن العالم . طريقة تدرك بها الطبقة ، مركزها وأهدافها التاريخية . فكانت المدارس الفلسفية ، تعبر عن نظرة الطبقة ، ذات الامتيازات ، إلى العالم ، أو عن وجهة نظر الطبقة التي كانت تكافح ، لتصبح طبقة ذات امتيازات ) ) [1] . ولا تكتفي الماركسية بمجمل من القول كهذا ، بل تضع النقاط على الحروف فتؤكد أن الفلسفة المثالية ( وتعني بها كل فلسفة ترفض التفسير المادي البحث للعالم ) هي فلسفة الطبقات الحاكمة ، والأقليات المستغلة التي تتبنى المثالية على مر التاريخ - بوصفها فلسفة محافظة - لتستعين بها على إبقاء القديم على قدمه . وأما المادية فهي على نقيض ذلك ، لأنها كانت تعبر دائماً عن المفهوم الفلسفي للطبقات المضطهدة ، وتقف إلى جانبها في كفاحها ، وتسند الحكم الديمقراطي والقيم الشعبية [2] . وتشرح الماركسية هذين الموقفين المتناقضين . من المثالية والمادية ، على أساس اختلاف الفلسفتين في نظريتهما عن المعرفة . وفي هذا تقع الماركسية في خلط ، بين نظرية المعرفة في المجال الكوني ، وبينها في المجال الأخلاقي فتعتبر أن تأكيد المثالية على حقائق مطلقة الوجود ، يتضمن إيمانهم بقيم مطلقة للوضع الاجتماعي أيضاً . فما دامت المثالية ، أو الميتافيرية تؤمن بأن الحقيقة العليا ( ( الله ) ) في الوجود مطلقة وثابتة ، فهي تؤمن - أيضاً - بأن الظواهر العليا في المجتمع ، من حكومة وأوضاع سياسية أيضاً - بأن الظواهر العليا في المجتمع ، من حكومة وأوضاع سياسية واقتصادية ، حقائق ثابتة مطلقة أيضاً . لا يجوز تغييرها واستبدالها بغيرها . والحقيقة هي : أن وجود حقائق مطلقة وفقاً لنظرية المعرفة الفلسفية عند الميتافيزية ، ولمفهومها عن الوجود ، لا يعني الاعتراف بنظير هذا الإطلاق والشمول ، على الصعيد الاجتماعي والسياسي ولذلك نجد أرسطو زعيم الميتافزية ، الفلسفية ، يؤمن بالنسبية ، على الصعيد السياسي ، ويقرر : أن الحكومة الصاحلة تختلف
[1] ( المادية الديالكتيكية ) ص 32 . [2] راجع ( دراسات في الاجتماع ) ص 81 .