باختلاف الأحوال والظروف ، ولم يمنعه القول بالصلاح النسبي - هذا - في المجال الاجتماعي ، من الاعتقاد بالحقائق المطلقة في الفلسفة الميتافيزيقية . وسنترك درس هذه الناحية دراسة دقيقة ، إلى ( فلسفتنا ) ، ونقف هنا لحظة لنرى : هل يصدق التاريخ هذه المزاعم ، التي تقررها الماركسية عن الاتجاه التاريخي الطبقي للمثالية والمادية ؟ ؟ . ويمكننا أن نأخذ مثالين من التاريخ . من تاريخ المادية على الخصوص : أحدهما : ( هرقليطس ) أكبر فيلسوف للمادية في العالم القديم . والآخر : ( هوبز ) الذي يعتبر من أقطاب المادية في الفلسفة الحديثة . أما ( هرقليطس ) فهو أبعد إنسان عن الروح الشعبية ، التي تسلكها الماركسية في جوهر الفلسفة المادية . فقد كان سليل أسرة أرستقراطية نبيلة ، لها المنزلة الأولى بين أهل المدينة وقد شاء الحظ أن يندرج في مناصبها الكبيرة ، حتى أصبح حاكم المدينة المسيطر . وقد كان يعبر دائماً ، وفي كل تصرفاته عن نزعته الأرستقراطية ، وترفعه على الشعب ، واستهانته به ، حتى كان يصفه تارة بقوله : ( أنعام تؤثر الكلأ على الذهب ) . وأخرى بقوله : ( كلاب تنبح كل من لا تعرفه ) . هكذا تجسدّت - في العالم القديم - المادية الديالكتيكية في شخص ، يمكن أن يوصف بكل شيء ، إلا بالروح الديمقراطية ومساندة الحكم الشعبي . بينما كان إمام المثالية في دنيا اليونان ، ( أفلاطون ) ، يدعو إلى فكرة ثورية ؟ تتجسد في نظام شيوعي مطلق ، ويشجب الملكية الخاصة بكل ألوانها . فأي الفيلسوفين كان أقرب للثورية ، والقيم التحررية في رأي الماركسية ؟ ! و ( هوبز ) الذي حمل في مطلع عهد النهضة ، لواء فلسفة مادية خالصة ، معارضاً بها ميتافيزيقية ( ديكارت ) . . . لم يكن أحسن حالاً من الذي اعتلى عرش إنجلترا بعد ذلك باسم : شارل الثاني عام 1660 ) ، وبحكم علاقته هذه ، ناهض الثورة الشعبية الكبرى ، التي فجرّها الشعب الإنجليزي ، بقيادة ( كرومويل ) حتى إذا دكّت الثورة عرش الملكية ،