responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اقتصادنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 127


ولكنا نعلم جميعاً ، أن ( بيكون ) لم يكن فيلسوفاً مادياً ، بل كان غارقاً في المثالية ، وإنما دعا إلى التجربة فقط وشجع الطريقة التجريبية في البحث . وأما ( الاسميون ) الإنجليز ، فلئن كانت ( الاسمية ) لوناً فكرياً من الإعداد للمادية ، فقد سبق إلى هذا اللون من التفكير الفلسفي ، اثنان من الفلاسفة الفرنسيين ، في مطلع القرن الرابع عشر : أحدهما ( دوران دي سان بورسان ) ، والآخر : ( بيير أوريول ) وإذا أردنا أن نفتش بصورة أعمق عن المقدمات الفكرية ، التي مهدت للاتجاه المادي . فسوف نجد قبل ( الاسمية ) الحركة ( الراشدية اللاتينية ) في الفلسفة ، التي ظهرت في القرن الثالث عشر في فرنسا ، وتشيّع لها معظم أساتذة كلية الفنون بباريس . وعلى يدهم فصلت الفلسفة عن الدين ، وبدأت تتجه إلى إنكار المسلّمات الدينية .
وأما الاتجاه المادي في شكله الصريح ، فهو وإن كشف عن نفسه في شخص أو أشخاص معدودين في إنكلترة ، نظير ( هوبز ) . ولكن هذا الاتجاه لم يستطع أن يسيطر على الموقف الفلسفي في إنكلترة ، أو يستلم الزمام من الفلسفة المثالية ، بينما آثار أكبر عاصفة مادية على المسرح الفلسفي في فرنسا ، حتى غرقت فرنسا في الاتجاهات المادية . وبينما كانت فرنسا الفكرية ، تحتفل ب - ( فولتير ) و ( ديدرو ) وأمثالهما من أئمة المادية في القرن الثامن عشر . . نجد انكلترة زاخرة بأعمق وأفظع مثالية فلسفية . على يد ( ( جورج باركلي ) ) و ( ( ديفيد هيوم ) ) المبشرين الأساسيين بالمثالية في تاريخ الفلسفة الحديثة . .
وهكذا تجيء النتائج ، على عكس ما ترتقبه الماركسية في التاريخ . إذ تزدهر الفلسفة المثالية ، وبتعبير آخر : أشد الفلسفات رجعية عند الماركسية ، في أرقى المجتمعات ، وأكثرها تطوراً من الناحية الاقتصادية والتكنيكية . بينما تختار العاصفة المادية لها مكاناً ، في مجتمعات متأخرة اقتصادياً واجتماعياً ، كفرنسا ، بل إن المادية التطورية والديالكتيك نفسهما ، لم يظهرا إلا في ألمانيا ، يوم كانت متأخرة في شروطها المادية على انكلترا ، بعدة درجات . ومع هذا تريدنا الماركسية ، أن نصدق تفسيرها للتفكير الفلسفي وتطوراته ، على أساس الوضع الاقتصادي ونموه .

127

نام کتاب : اقتصادنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 127
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست