responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اقتصادنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 126


ولنأخذ حالة أوروبا ، عندما لاحت في الأفق الأوروبي ، تباشير الثورة الفكرية الجديدة . فقد كانت انكلترة تتمتع بدرجة عالية نسبياً من التطور الاقتصادي ، لم تظفر بنظيرها فرنسا ولا ألمانيا ، وكان الشعب الإنكليزي ، قد ظفر بمكاسب سياسية خطيرة ، لم يكن قد حصل على شيء منها الشعب الفرنسي والألماني ، وكانت القوى الاقتصادية الفنية في انكلترة ( قوى البورجوازية ) في نمو مستمر ، لا يشبهه وضعها في البلدان الأخرى . وبكلمة مختصرة : إن الوضع الاجتماعي لإنكلترة ، بشروطه الاقتصادية والسياسية ، كان أعلى درجة - في سلم التطور التاريخي ، الذي تؤمن به الماركسية - من فرنسا وألمانيا ، بدليل أن انكلترة بدأت ثورتها التحررية ، سنة ( 1215 ) ، وخاضت في منتصف القرن السابع عشر ( 1648 ) ، ثورتها الكبرى بقيادة ( كرومويل ) ، بينما لم تتهيأ في فرنسا ظروف الثورة الحاسمة ، إلا سنة ( 1789 ) ، ولا في ألمانيا ، إلا عام ( 1848 ) ، وهذه الثورات ، بوصفها ثورة بورجوازية ، منبثقة عن درجة التطور الاقتصادي في رأي الماركسية ، تبرهن بما تشير إليه من تفاوت زمني بينها إلى سبق انكلترة في المجال الاقتصادي .
وإذا كانت انكلترة هي الدولة المتطورة اقتصادياً ، أكثر من غيرها ، فمن الطبيعي - على أساس النظرية الماركسية - أن تسبق غيرها من البلدان في المضمار الفلسفي ، وتصبح أكثر تقدمية منها في اتجاهها الفلسفي . والاتجاه التقدمي ، في الفلسفة - عند الماركسية - هو الاتجاه المادي ، وأكثر ما يكون الاتجاه المادي تقدمياً ، حين يقوم على أساس التطور والحركة . وهنا نتساءل : أين ولدت المادية وشبت ؟ وفي أي مجتمع ظهرت تباشيرها ، ثم اندلعت عاصفتها ؟ وتبدو لنا الماركسية هنا في موقف حرج ، لأن نظريتها في تفسير انكلترة الاقتصادي ، كان يفرض عليها أن تظهر على المسرح الفلسفي ، بالاتجاه التقدمي ، أو الاتجاه المادي بتعبير آخر . ولهذا حاول ماركس القول : بأن المادية ولدت في إنكلترة ، على يد ( فرنسيس بيكون ) ، وعلى يد ( الاسميين ) ( 1 ) .
( 1 ) ( التفسير الاشتراكي للتأريخ ) ص 76 .

126

نام کتاب : اقتصادنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست