إن فلسفة ( هرقليطس ) هذه ، لئن برهنت على شيء ، فإنما تبرهن بوجودها التاريخي ، على خطأ الماركسية في تفسيرها ، وتأكيدها بوجودها التاريخي ، على خطأ الماركسية في تفسيرها للفلسفة ، وت - كيدها على مسايرتها حتماً لوسائل الإنتاج والمكتشفات التكنيكية ، لا سيما إذا عرفنا أن ( هرقليطس ) ، كان متأخراً تأخراً فاضحاً عن موكب العلم ، ومكتشفاته الطبيعية والفلكية ، في عصره . فضلاً عن مواكبه الحديثة ، حتى كان يعتقد أن قطر الشمس قدم واحد ، كما يبدو للبصر ، ويفسر غروبها بانطفائها في الماء . ولماذا نذهب بعيداً ، وبين أيدينا الفيلسوف الإسلامي الكبير صدر الدين الشيرازي ، الذي أحدث ثورة جبارة في الفلسفة الإسلامية ، إذ أتحف الفكر الإسلامي في مطلع القرن السابع عشر ، بأعمق فلسفة شهدها تاريخ هذا الفكر ، وأثبت في فلسفته هذه ، الحركة الجوهرية في الطبيعة ، والتطور المستمر في جوهر الكون ، على أسس فلسفية تجريدية وقد أثبت ذلك ، يوم كانت وسائل الإنتاج ثابتة ، بشكلها التقليدي على مر الزمن ، وكان كل شيء في الحياة الاجتماعية ساكناً ثابتاً ، غير ان الدليل الفلسفي ، دفع فيلسوفنا الشيرازي ، إلى التأكيد على قانون التطور في الطبيعة ، بالرغم من ذلك كله . فلا علاقة حتمية - إذن - بين المفاهيم الفلسفية ، والوضع الاقتصادي للقوى المنتجة . وهناك شيء آخر له مغزاه الخاص بهذا الصدد ، وهو أن الوضع الاقتصادي لقوى الإنتاج وعلاقاته ، لو كان هو الأساس الحقيقي الوحيد ، لتفسر الحياة العقلية للمجتمع ، بما فيها الأفكار الفلسفية ، لكانت النتيجة الطبيعية لذلك ، أن التطورات الفلسفية تواكب في حركتها التقدمية ، تطور الوضع الاقتصادي ، وتجري وفقاً لحركة التكامل في علاقات الإنتاج وقواه ويصبح من الضروري بموجب ذلك ، أن تنبع الاتجاهات التقدمية في الفلسفة ، وأن تتولد الثورات الفلسفية الكبرى ، في أرقى المجتمعات من الناحية الاقتصادية فيكون نصيب كل مجتمع من التفكير التقدمي ، والفلسفة الثورية ، بمقدار حظه من التطور الاقتصادي والسبق في ظروف الإنتاج وعلاقاته . فهل تنسجم هذه النتيجة مع الواقع التاريخي للفلسفة ؟ هذا ما نريد معرفته الآن .