الوالد قدس سره في الأُصول [1] وغيره من الأُصوليين لا يخلو من تأمّل في نظري القاصر ، لأنّ الأحكام الشرعية منحصرة في الخمسة ، ومطلق الرجحان إن أُريد به من غير فصل فلا تكليف به ، ومع الفصل لا بُدّ من العلم به ، إذ التكليف فرع العلم بالحكم ، ومع الإجمال لا علم ، فالإتيان بمطلق الرجحان على أن يكون حكماً غير واضح كما ذكرته في محله . ولا يخفى أنّ فائدة هذا الكلام هنا غير ظاهرة ، لكن ذكرتها بالعارض لدفع الاحتمال . وحينئذ فالخبر المبحوث عنه المتضمن لأمر [2] محمد بن إسماعيل يحتمل أن يكون فهم منه الاستحباب ، وإعادة السؤال في السنة الثانية على تقدير الاستحباب جوابها كالجواب على تقدير الوجوب حذو النعل بالنعل ، غير أنّ قوله في السؤال : فإن لم أتوضّأ ، أقرب إلى إرادة الاستحباب ، وفائدته وإن خفيت ، إلَّا أنّ احتمال إرادة دفع الارتياب في الاستحباب ممكن وله قرب بالنسبة إلى إرادة الوجوب . وبهذا يظهر وجه نظر في كلام شيخنا البهائي سلمه الله - [3] كما يعلم بصحيح التأمّل ، وتوضيح الحال في حاشية التهذيب . أمّا ما ذكره العلَّامة : من أنّ الراوي إذا روى الحديث تارة مع زيادة وتارة بدونها ، عمل على تلك الزيادة إن لم تكن مغيّرة ويكون بمنزلة الروايتين [4] .
[1] معالم الدين : 48 . [2] في « رض » : لأمن . [3] المتقدم في ص 61 . [4] المنتهى 1 : 32 .