والشيخ في التهذيب ادعى الإجماع على عدم البناء مع نقض الوضوء ، لأنّه قال في باب التيمم : لا خلاف بين أصحابنا أن من أحدث في الصلاة ما يقطع صلاته يجب عليه استئنافه [1] . وهذا وإن كان محل كلام ذكرناه في موضعه ، إلَّا أنّ إطلاق القول هنا بالحمل على الاستحباب في جملة الوجوه لا يخلو من إشكال . وأمّا الخبر الثالث : فقد أوضحت القول فيه في حاشية التهذيب ، والحاصل من الكلام فيه الحمل على التقية ، غير أنّ القول لا يخرج عن مطابقة الواقع ، إذ لا مانع من وقوع الوضوء بعد الرعاف لكن لا بسبب الرعاف ، وحكايته عن أبيه عليه السلام لأنّ الواقع ذلك ( وإلَّا لما ) [2] احتاج إلى النقل عن أبيه كما لا يخفى . وما قاله الشيخ رحمه الله هنا من الحمل على التقية مجمل ، أمّا في الحديث الأوّل فلما قدمناه من أنّ الفرق بين الاستكراه وعدمه مبني على موافقة أهل الخلاف ، ليتم الحمل فيه على التقية . وأمّا الثاني فلما ذكرناه هنا . وأمّا الحمل على غَسل الموضع فمستبعد في الأخير ، لأن قوله : « بعد ما توضأ » يدل بظاهره على أنّ الوضوء واحد في الموضعين ، غير أن استعمال كل من أفراد المشترك مع اللفظ الموضوع له لا ريب فيه ، والإجمال فيه بسبب التقية ، فهو راجع في الحقيقة إليها ، أو أن السائل فهم ذلك بقرينة ، وكان على الشيخ أن ينبه على ذلك . والخبران المذكوران واضحا الدلالة على عدم النقض ، فإن أراد الشيخ
[1] التهذيب 1 : 205 . [2] ما بين القوسين ليس في « فض » .