معدل عنه والا كان القول بالتخيير هو الحق كذلك فنقول انه يمكن الإشكال في كل واحد منها . اما الإشكال في ان مستند الشهرة الحاصلة من تقصير أيوب بن نوح وتقصير صفوان وتقصير ابن أبى عمير وتقصير جميع أصحابهم فلعله لعدم ظفرهم بالروايات الدالة على التمام وعدم وصولهم إليها كي يفتوا بمقتضاها كما هو محتمل لان جميع الروايات لم تكن موجودة عند جميع الرواة بلا اشكال كما هو واضح بخلاف زماننا فحينئذ لا يوجب شهرة التقصير عندهم عدم عملهم بهذه الروايات ولا كاشفا عنه . واما عدم ربط الجواب بسؤال السائل ففيه انه عليه السّلام لما كان عالما بان على بن مهزيار عالم بكون إتمام الصلاة في الحرمين أفضل ولذا كان عمله على الدوام كذلك فأجاب له الإمام عليه السّلام بقوله : « قد علمت يرحمك اللَّه فضل الصلاة في الحرمين على غيرهما إلخ » وذلك لشرف البقعة واحترام المكان فلذا كان جوابه عليه السّلام مربوطا بسؤاله وغير أجنبي عنه . واما الجواب عن اعتذار الإمام بأمره بالتمام من جهة انه حكم واقعي وأحد فردي الواجب التخييري وانما أمره به مع ان أصحاب معاوية بن وهب كانوا عالمين بفرده الآخر كما عليه عملهم ، مراعاة لشرف البقعة واحترام المسجد والحرم . واما الجواب عن لزوم التفكيك بين الإفطار والتقصير فبان يقال ان أحكام اللَّه جل ذكره كلها توقيفي تحتاج إلى بيان الشرع وجعله بأي نحو شاء وأراد فحينئذ لما علمنا ان بين الإفطار والتقصير ملازمة شرعا نقبل منه سمعا وطاعة وإذا علمنا ببركة الروايات الدالة على التمام في الأراضي المنورة والأماكن المقدسة أن الشرع فرق بينها في مقام ، فأوجب الإفطار على المسافر ومع ذلك أجاز له إتمام الصلاة نقبل منه أيضا كذلك وهو واضح فعلم ان لزوم التفكيك هنا غير مخل ولا مضر فلم يبق من المبعدات في المقام إلا المعارضة بين الأوامر الظاهرة في تعيين القصر والأوامر الدالة على جواز الإتمام .