وثانيا سلمنا كونه مسافرا الا انه لا يتم الا على بعض التقادير والوجوه لا مطلقا وهو ما إذا فرضنا ان من أقام في النجف الأشرف عشرة أيام مثلا وفرضنا أيضا تحقق شرائطها المعتبرة فيها ثم ذهب إلى مصلى لحاجة ثم عاد منه إلى النجف وأراد السفر منه إلى كربلاء من دون ان يقيم بينهما بعشرة فإن العود في هذا الفرض لا يحسب من المسافة قطعا لعدم شمول الأدلة عليه جزما لأنه هنا نقيض السفر لا شروع فيه كما هو المعتبر في تحققه فلا بد حينئذ من التقييد بأن أول مرتبة من العود انما يكون مبدأ للسفر إذا كان مما يتوقف عليه السفر ويعد جزءا منه عرفا والا يكون مبدء السفر حين الخروج من محل الإقامة بعد العود إليه لما ذكر من انه ليس من السفر بل نقيضه . وفي كلا الوجهين نظر . اما الأول ففيه أولا ان دعوى عدم صدق عنوان المسافر في المورد مكابرة جدا إذا الفرض ان كل ما هو معتبر لنوع السائرين حين سيرهم من اعتبار الشرائط وعدم الموانع من قصد المسافة والشروع فيها وغيرهما هو منطبق للمورد كما لا يخفى . وثانيا ان ما يستفاد من الروايات في تحقق السفر هو سير ثمانية فراسخ امتدادية أو بريدين أو نحوهما وهو حاصل في المقام وليس فيها ما يدل على اعتبار العنوان من الرجوع إلى الوطن أو البلد أو المنزل أو غيرها من أمثالها في صدقه كي يرتفع موضوع السفر بعدم صدق العنوان . واما الثاني فغاية الأمران عنوان المسألة مطلق فلا بد من تقييد له الا ان من الأصحاب من يظهر التقييد من كلماته بل صرح بذلك ومنهم من لم يصرح به الا ان مقصوده ليس الا هذا المعنى المقبول فراجع كلماتهم . ومما ذكرناه في تحقيق حكم المسألتين من اعتبار وجود الأمرين العزم بالسفر والشروع فيه ظهر حكم سائر المسائل مثل المتردد في السفر وغيره أيضا فلا حاجة إلى بيان ذكرها على حدة .