ثم ان القصر في السفر صوما وصلاة عزيمة لا رخصة فلا يجوز الإتمام فيه بالضرورة من دين الإمامية ومذهبهم حيث روى عن أبى عبد اللَّه عليه السّلام قال : « من صلى في سفره أربع ركعات فأنا إلى اللَّه منه بريء » [1] وغيرها من الروايات . هذا كله في غير المواطن الأربعة واما الكلام فيها فسيأتي . * * * الكلام في المواطن الأربعة : نقول ان الروايات الواردة فيها أنواع : جملة منها آمرة بالإتمام في مكة أو في الحرمين على اختلاف التعابير . وجملة أخرى آمرة بالقصر كذلك وجملة ثالثة آمرة بالتخيير مثل قوله : « ان شئت تمّم وان شئت قصر » [2] قال المشهور : فيها بالتخيير وحكمهم بذلك اما لعدم وجدانهم المرجح لطائفة منها على غيرها بعد ملاحظة المرجحات كما هو مقتضى ذيل مرفوعة زرارة : « أذن فتخير أحدهما فتأخذ به ودع الآخر » [3] واما لقوله : فبأيهما أخذت من باب التسليم وسعك » [4] كما هو كذلك في كل المتعارضين اللذين لا يمكن الجمع بينهما بالتصرف فيهما أو في أحدهما بوجه الا طرحهما رأسا أو اختيار أحدهما دون الآخر . وقد خالفهم في ذلك من المتقدمين الصدوق قدس سره والقاضي ابن براج وابن جنيد ومن المتأخرين المجدد البهبهاني والسيد الطباطبائي حيث قالوا فيها بتعين القصر لا غير . لكن هنا أمور أربعة بل خمسة التي كانت هي من مبعدات القول بالإتمام .
[1] الوسائل ، أبواب صلاة المسافر ، الباب 22 ، الحديث 8 [2] الوسائل ، أبواب صلاة المسافر ، الباب 25 [3] المستدرك ، كتاب القضاء ، الباب 9 من أبواب صفات القاضي ، الحديث 2 [4] الوسائل ، أبواب صفات القاضي ، الباب 9 ، الحديث 6