وثانيا ان ما دل على انه صار القصر سنة من زمن سفر الرسول إلى « ذي خشب » يدل على خلاف ذلك حيث قال عليه السّلام : « وقد سافر رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله إلى ذي خشب وهو مسيرة يوم من المدينة يكون إليها بريدان أربعة وعشرون ميلا فقصر وأفطر فصار سنة » [1] فإنها تدل على ان قبل سفر سيد الأنبياء صلَّى اللَّه عليه وآله لم يكن القصد في السفر مشروعا وكان الكل محكومين بالتمام وبعد سفره عليه السّلام صار القصر مشروعا كما هو واضح . ثم ان من يدعى المغايرة بينهما كيف يدعيها والحال ان بين جعلي الوظيفتين من القصر والتمام للحاضر والمسافر فاصلة طويلة من الزمان كما يظهر من ملاحظة أخبارها . واما الجواب عن الثاني . أولا انا لا نسلم ان التخصيص يعطى عنوانا للعام [2] . وثانيا انا لو سلمنا ذلك لكن لا يفيد فائدة في المقام ولو قلنا بالانقلاب في موضوع العام لان الكلام انما هو في العلاج بالشبهات الحكمية لاشتباه المصاديق . فإذا تحقق ذلك فعلم ان مقتضى الأصل والقاعدة في المقام من الشبهة الحكمية هو العموم اللفظي في قوله : « الظهر أربع ركعات والعصر أربع ركعات » وغيرهما الذي عبر عنه بأصالة التمام . ثم من اختار في المقام وجوب القصر مطلقا تمسك تارة بعموم قوله : « من سافر فقصر » فإنه عام أو مطلق شامل لما نحن فيه لأنه قبل ان يقيم في بلد كان مسافرا والإقامة إنما قطعت السفر ما دام مقيما فإذا خرج عن موضع الإقامة بما دون المسافة على الفرض
[1] الوسائل أبواب صلاة المسافر الباب الأول الحديث 4 [2] للفرق الواضح بين التخصيص والتقييد ، وان الثاني يعطى عنوانا للسان الدليل أي المطلق والأول وان كان يجعل العام حجة في غير الخاص ، لكنه لا يعطى عنوانا للعام بحيث يكون لسان الدليل مركبا من أمرين وعلى ذلك يترتب صحة بعض الاستصحابات كما لا يخفى والمسئلة محررة في الأصول راجع بحث العموم والخصوص ولا حظ . ابن المؤلف