لفظيا فالبحث عنه بالنسبة إلى الأول واضح لا أهمية له في المقام . واما بالنسبة إلى الثاني الذي يعبر عنه بأصالة التمام فمما يحتاج إلى مزيد بيان . فنقول : ان تحقيق ذلك يتوقف على البحث عن ان المسافر والحاضر هل هما موضوعان مختلفان حقيقة وحكما أو هما موضوع واحد لا اختلاف فيهما أصلا غاية الأمر أنه طرأ عليهما حكمان مختلفان فالاختلاف فيهما من حيث الحكم فقط لا من حيث الموضوع والذي يمكن إثبات اختلافهما به حقيقة أمران : الأول الكتاب والسنة والثاني فهم العرف . اما الكتاب فقوله تعالى : « فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ومَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ » [1] بناءا على ان الشهر مفعول فيه لا مفعول به حتى تكون الآية مختصة لحكم الحاضر فان المستفاد من الآية انهما موضوعان متغايران حقيقة وحكما . واما السنة فالروايات الكثيرة الواردة في ان للحاضر أربع ركعات وللمسافر ركعتين مثل رواية إبراهيم بن عمر عن أبى عبد اللَّه عليه السّلام قال : « فرض اللَّه على المقيم أربع ركعات وفرض على المسافر ركعتين وفرض على الخائف ركعة الحديث » [2] وما كان بهذا المضمون مثل : « الحاضر فرضه أربع ركعات والمسافر ركعتان » واما الثاني فإنه إذا ورد أكرم العلماء وورد أيضا ولا تكرم فساقهم فان العرف انما يفهم بقرينة الخاص المذكور ان الموضوع هو العلماء العدول لان التخصيص يعطى عنوانا للعام فيكون الموضوع في أحدهما مغايرا للموضوع في الآخر . وفيه أولا ان هذا انما يصح لو لم يكن لنا حكم عام شامل لجميع آحاد المكلفين والحال انه غير عزيز مثل مضمون قوله عليه السّلام : « الظهر أربع ركعات والعصر كذلك » وأمثاله فإنه عام شامل لجميعهم والمسافر خارج عنهم تخصيصا لا تخصصا .
[1] سورة البقرة الآية 185 [2] الوسائل ، أبواب صلاة الخوف الباب الأول ، الحديث 4