ان الغروب يتحقق باستتار القرص أو بسقوطه أو بسائر الألفاظ الدالة عليه مما مر ) مطلقة والثانية منها التي تدل على اعتبار ذهاب الحمرة المشرقية في تحقق وقت المغرب مقيدة لها فان مفاد الثانية منها في الحقيقة عين مفاد الأولى في الدلالة على ان الغروب عبارة عن استتار القرص وتواريه عن انظار الناظرين من دون أن يكون فيها قيد زائد عليها كما هو مقتضى ميزان المطلق والمقيد كما مر واما اعتبار ذهاب الحمرة عن طرف المشرق فيها وتجاوزها عن قمة الرأس إلى ناحية المغرب في رواية ابن أبى عمير [1] فإنما هو ضرب أمارة لمعرفة المغرب وجعل علامة لها في حق الجاهل والشاك ، دون من كان متيقنا بسقوط بواسطة النظر إلى الشمس وعدم كونها غائبة عنه أي من دون مانع بينه وبين الشمس ومن دون حائل من رؤية سقوط قرصها . والحاصل : ان لسان هذه الاخبار مثل لسان الأخبار السابقة في انها انما تدل على بيان الملازمة بين غيبوبة قرص الشمس وبين زوال الحمرة عن طرف المشرق يعنى ان تحقق غيبوبة الشمس مستلزم لتحقق زوال الحمرة لا سيما في بعضها التي قدم فيها غيبوبة القرص على ذهاب الحمرة كما في آخر رواية أحمد بن أشيم « إذا غابت هيهنا ذهبت الحمرة من هيهنا » [2] وغيرها من أمثالها وليست تلك الأخبار دالة على غيبوبة الشمس مع شيء زائد عليها وهو ذهاب الحمرة كما هو قاعدة الإطلاق والتقييد بل هو إمارة على استتار القرص لمن لم يره لمانع ومثله في العرف كما يقال إذا ارتفعت الأصوات فقد ركب الأمير أو إذا أغلقت الأبواب فقد نام الأمير أو إذا جاء آخر الشهر فقد أعطى الأمير للناس وهكذا فان ارتفاع الأصوات وإغلاق الأبواب ومجئ آخر الشهر ليس قيدا لركوبه أو لنومه أو لإعطائه بل هي إمارة وعلامة لحصول ركوبه ونومه وإعطائه كما هو بديهي لمن كان له أدنى تأمل . فظهر مما ذكرناه لا سيما من ملاحظة رواية على بن حكم عمن حدثه عن أحدهما عليهما السّلام انه سأل عن وقت المغرب فقال عليه السّلام إذا غاب كرسيها قلت وما كرسيها قال عليه السّلام