بقوله انما الشك في شيء لم تجزه [1] فيستفاد منه ان ذلك انما هو من جهة الظن النوعي بأن العامل مطلقا إذا اشتغل بعمل ، لا ينسى الجزء المقدم ولا يتركه في غالب الأوقات إذا جاوز عن محله ورأى نفسه مشغولة بالجزء الثاني ولذا كان دأب الأصحاب وديدنهم بعدم الاعتناء بالشك في الإتيان بالجزء المقدم كما هو مضمون قوله عليه السّلام « وهو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك » والحاصل ان ما هو موجب هناك لعدم إيجاب الإتيان بالجزء بعد التجاوز عن محله ، هو الظن النوعي بالإتيان به وهو موجود في المقام على الفرض والتفرقة بين المقامين كما ترى فظهر منه ان القول بحجيته هناك يوجب القول بحجيته هناك بالملاك الذي اعتبر فيه بل بطريق أولى كما عرفت ومعلوم ان اعتباره في مثل المقام من باب متفاهم العرف الا ان يثبت في الشرع برهان قاطع ودليل قاهر على التفريق ولم يثبت ذلك كما لا يخفى . وثانيها : قوله عليه السّلام في ذاك الباب : « انما الشك في شيء لم تجزه » فان المراد من الشك هو المعنى العرفي أعني تساوى الطرفين لا المعنى اللغوي وهو خلاف اليقين كما في باب الاستصحاب فحينئذ يكون مفهومه انه إذا تجاوز عن محل الجزء السابق وكان ظانا بعدم الإتيان به لا شاكا يجب عليه الإتيان به وهذا دليل أيضا على اعتبار الظن فيها وهو غير خفي على الوفي . وثالثها : رواية صفوان وهو قوله عليه السّلام ان كنت لم تدر كم صليت ولم يقع وهمك على شيء إلخ [2] فإن إطلاق لفظي « كم » و « شيء » شامل للركعات التامة والناقصة من ركعة فيكون حينئذ كناية عن الأفعال فيكون مفهومه انك إذا علمت أو ظننت شيئا من الصلاة ولو كان نصف ركعة أو ربعها مثلا فلا تعد وهذا هو المختار هذا إذا لم نقل انها ظاهرة فيه كما قال به بعض والا فحكم المسئلة يصير أوضح . ومما يشهد لاعتبار الظن النوعي في العمل :
[1] الوسائل ، أبواب الوضوء ، الباب 42 ، الحديث 2 [2] الوسائل ، أبواب الخلل ، الباب 15 ، الحديث الأول