قال صاحب الفصول : فالتحقيق أنه لا تعويل على الفتاوى المذكورة فيه ، نعم ما فيه من الروايات فهي حينئذ بحكم الروايات المرسلة لا يجوز التعويل على شئ مما اشتمل عليه إلا بعد الانجبار بما يصلح جابرا لها ، ولو استظهرنا اعتماد مثل المفيد والصدوقين عليه في جملة من مواضعه ، فذلك لا يفيد حجيته في حقنا ، لأنه مبني على نظرهم واجتهادهم ، وليس وظيفتنا في مثل ذلك اتباعهم ، وإلا لكانت الأخبار الضعيفة التي عولوا عليها حجة في حقنا . فإن ظننا بتعويلهم على جملة من روايات كتاب إذا أفاد حجية مجموع الكتاب في حقنا ، لكان علمنا بتعويلهم على رواية معينة مفيدا لحجيتها في حقنا بطريق أولى 1 . نعم الكلام في حجيته يختلف باختلاف المذاهب والمسالك والآراء في الحجة من الأخبار الآحاد . فإن منهم من يقول باختصاص الحجية بالمسانيد من الأخبار ، من الصحاح أو مع الحسان أو الموثقات ، ولا شك أن ذلك ليس منها ، لعدم ثبوت الكتاب من الإمام من جهة العلم واليقين ، ولا بالنقل المتصل من الثقات المحدثين . ومنهم من يقول باختصاص الحجية بأخبار الكتب الأربعة الدائرة ، وهذا أيضا كسابقه . ومنهم من يقول بحجية كل خبر مظنون الصدوق أو الصدور ، وهو بعبارة أخرى كل خبر مفيد للظن ، واللازم على ذلك ملاحظة ما نقلناه من الشواهد والإمارات ، فإن حصل له منها الظن فليقل بحجيته ، وإلا فلا . ومنهم من يقول بحجية كل خبر غير معلوم الكذب أو غير مظنونه ، ولا أك أن هذا الكتاب منه ، فيكون حجة معمولا به عنده ، والله أعلم بحقيقة الحال 2 . اختلف - القائلون بجواز التعبد بخبر الواحد عقلا - في وقوعه شرعا ، فذهب السيد المرتضى وجماعة من قدماء أصحابنا . إلى عدم وقوع التعبد به ، وصار الأكثرون إلى وقوع التعبد به وهو الحق 3 .