ولا زال عمل الشيعة من أزمنة الأئمة ( عليهم السلام ) على الأخبار المأثورة بتوسط من يوثق به من الرواة ، أو مع قيام القرينة الباعثة على الاعتماد عليها والظن بصدقها ، وإن كان راويها مخالفا لأهل الحق ، كالسكوني وأضرابه ، حسبما شاهده من طريقتهم . ويؤيده حكاية الشيخ اتفقا العصابة على العمل بأخبار جماعة هذا شأنهم ، كالسكوني وابن الدراج والطاطرين وبني فضال وأضرابهم ، ويشير إليهم الإجماع المحكي عن الجماعة المخصوصين ، وفيهم فاسد العقيدة . ومن البين أن الصحيح في اصطلاح القدماء - وهو المعمول به عندهم - وقد ذكر الصدوق أن ما صححه شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد فهو صحيح ، وظاهر في العادة أن مجرد تصحيحه لا يقتضي القطع بصدق الرواية ، فلا يزيد على حصول الاعتماد عليها من أجله 1 . ما المانع من قبول ذلك باعتباره خبر الواحد والتمسك به ؟ وهل إنه حجة أم لا ؟ أليس المروي في مرفوعة زرارة كما في عوالي اللآلي عن العلامة : يا زرارة خذ بما اشتهر بين الأصحاب ودع الشاذ النادر ، وقول مولانا الصادق ( عليه السلام ) في مقبولة عمر بن حنظلة ، المروية في كتب المشائخ الثلاثة : ينظران إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه بين أصحابك فيؤخذ به من حكما ، ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإن المجمع عليه لا ريب فيه 2 . إن الاعتماد على الخبر الضعيف ليس بمعول عند الأصحاب ، ولا يجوز الاعتماد عليه في الشريعة ، وإن الأصحاب لم يكونوا ليتأملوا في عدم حجيته ، فكيف يتجه القول بأنه مورد السؤال ؟ ألم يبعد البرقي في عده أحمد بن محمد بن عيسى من قم لرواياته عن الضعفاء لا لسبب آخر ؟ وعلى هذا فما المانع من أن يكون الهدف هو ترويج الكتاب ؟ فلو علم الناس أنه للصدوق ، اهتموا به أكثر ، واعتمدوا عليه ، وأكبوا على مطالعته فهو من ترويج الحق بطريق الحكمة .
[1] هداية المسترشدين ص : 400 ، بحث حجية الخبر الواحد . [2] رسالة الخونساري : 35 .