نام کتاب : غنية النزوع نویسنده : ابن زهرة الحلبي جلد : 1 صفحه : 56
وقوله سبحانه : * ( وامسحوا برءوسكم ) * ( 1 ) لأنه لا بد لهذه الباء من فائدة ، وإذا لم تكن فائدتها هاهنا تعدية الفعل - لأنه متعد بنفسه والكلام مستقل بإسقاطها - لم يبق إلا أن يكون فائدتها التبعيض . ويحتج على المخالف بما روي من طرقهم من أنه صلى الله عليه وآله وسلم توضأ ورفع مقدم عمامته وأدخل يده تحتها فمسح مقدم رأسه . ( 2 ) والفرض السابع : مسح ظاهر القدمين من رؤوس الأصابع إلى الكعبين ; و هما الناتئان في وسط القدم عند معقد الشراك ، والأفضل أن يكون ذلك بباطن الكفين ، ويجزي بإصبعين منهما ، ويدل على ذلك مضافا إلى الإجماع المذكور قوله تعالى : * ( وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) * ( 3 ) ; لأنه سبحانه أمر بمسح الرأس ، ثم عطف عليها الأرجل ، فوجب أن يكون لها بمقتضى العطف مثل حكمها ، كما وجب مثل ذلك في الأيدي والوجوه ، وسواء في ذلك القراءة بالجر والنصب . أما الجر فلا وجه له إلا العطف على الرؤوس ، ومن تعسف وجعله للمجاورة فقد أبعد ، لأن محصلي علماء العربية قد نفوا الأعراب بالمجاورة أصلا ، وتأولوا الجر في " جحر ضب خرب " على أن المراد " خرب جحره " مثل " مررت برجل حسن وجهه " ولأنه عند من جوزه شاذ نادر لا يقاس عليه ، فلا يجوز و الحال هذه حمل كتاب الله عليه ، ولوجود حرف العطف في الآية الذي لا يبقى معه للأعراب بالمجاورة حكم ، ولأن الأعراب بذلك إنما يكون في الموضع الذي ترتفع الشبهة فيه ، لأن من المعلوم أن خربا لا يجوز أن يكون من صفات الضب ، و ليس كذلك الأرجل ، لأنه كما يصح أن تكون مغسولة ، يصح أن تكون ممسوحة ، فلا يجوز أن يكون إعرابها للمجاورة لحصول اللبس بذلك . وأما النصب فهو أيضا بالعطف على موضع الرؤوس ( كما قال :