نام کتاب : غنية النزوع نویسنده : ابن زهرة الحلبي جلد : 1 صفحه : 133
لا يكون إلا ثلاثين يوما على ما يزعمه ، لأنه يفيد أن أيام الصيام معدودة ، وهذا لا خلاف فيه ، وإنما الخلاف فيما به يعلم أول هذا المعدود وآخره . وليس في الآية ما يدل عليه ، على أن المراد بقوله تعالى : * ( معدودات ) * أنها قليلات ، كما قال تعالى : * ( وشروه بثمن بخس دراهم معدودة ) * ( 1 ) وقال حكاية عن الكفار : * ( وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة ) * ( 2 ) ، والفائدة في ذلك التسهيل لفرض الصيام ، وأنه سبحانه ( 3 ) لم يكلف العباد ما لا يطيقون ، وإذا كان ذلك هو المراد لم يكن لهم فيها دلالة على أنه لا يمتنع أن يكون للمعدود حدان ، لا يتجاوز أكثرهما ولا ينقص عن أقلهما ، كما نقول في أيام الحيض : إنها معدودة محصورة ، وإن كان لأكثرها حد لا يزيد عليه وهو عشرة أيام ، ولأقلها حد لا ينقص عنه وهو ثلاثة أيام ، فكذلك أيام شهر رمضان لا يمتنع أن يسمى معدودة ، ولها حدان أعلاهما ثلاثون وأدناهما تسعة وعشرون . على أن أهل التفسير قد قالوا : إن المراد بهذه الأيام عشر المحرم ، وأنه تعالى كان كتب صيامها وجعل على من أفطر مع القدرة على الصوم فدية من طعام ، ثم نسخ ذلك بما فرضه عقيبه بلا فصل من صوم شهر رمضان ( 4 ) ، وإذا كانت الآية منسوخة بطل التعلق بها على كل حال . وقوله تعالى : * ( ولتكملوا العدة ) * ( 5 ) لا يدل على وجوب إكمال رمضان ثلاثين يوما على ما ظنوه ، لأن الله سبحانه محال أن يتعبد المكلفين بفعل الأيام وإكمالها ، وإنما تعبدهم بإكمال العمل فيها ، وذلك بأن يصام إلى آخرها ، سواء كانت ثلاثين ، أو تسعة وعشرين ، كما أن إكمال العدة للمعتدة بالشهور إذا طلقها أو مات عنها زوجها إنما هو باستيفاء أيام الشهور ، سواء كان كل واحد منها ثلاثين أو تسعة وعشرين ، وقد قال تعالى : * ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين
1 - يوسف : 20 . 2 - البقرة : 80 . 3 - في " ج " : إذ أنه سبحانه . 4 - لاحظ مجمع البيان : 2 / 273 . 5 - البقرة : 185 .
133
نام کتاب : غنية النزوع نویسنده : ابن زهرة الحلبي جلد : 1 صفحه : 133