نام کتاب : جامع الخلاف والوفاق بين الإمامية وبين أئمة الحجاز والعراق نویسنده : علي بن محمد القمي جلد : 1 صفحه : 609
وللشافعي قولان في الموضعين ، أحدهما ما قلناه ، والثاني : يلزم كل واحد خمسين يمينا في الموضعين ( 1 ) واعلم أن من دعي إلى تحمل الشهادة وهو من أهلها ، فعليه الإجابة لقوله تعالى : { ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا } ( 2 ) ، فإذا تحملها لزمه أداؤها متى طلبت منه لقوله سبحانه : { ولا تكتموا الشهادة } ( 3 ) ، وهو مخير فيما سمع أو شاهد من تحمله وإقامته وترك ذلك . ولا يجوز لأحد أن يتحمل شهادة إلا بعد العلم بما يفتقر فيها إليه ، ولا تجزيه مشاهدة المشهود عليه ، ولا تحليته ولا تعريف من لا يحصل العلم بخبره ، ولا يجوز له أداؤها إلا بعد الذكر لها ، ولا يعول على وجود خطه ، لقوله : { ولا تقف ما ليس لك به علم } ( 4 ) ، ولأن الشاهد مخبر على جهة القطع بما يشهد به ، وإخبار المرء على هذا الوجه بما لا يعلمه قبيح . وتثبت شهادة الأصل بشهادة عدلين ، وتقوم مقامها إذا تعذر حصول الأصل بموت أو مرض أو سفر ، ولا يجوز إلا في الديون والعقود ، ولا يجوز في الحدود ( 5 ) . قال الشيخ : يجوز أن يقبل شهادة الفرع مع تمكن حضور شاهد الأصل لأن أصحابنا قد رووا أنه إذا اجتمع شهادة الأصل وشهادة الفرع واختلفا فإنه تقبل شهادة أعدلهما ، حتى أن في أصحابنا من قال : أنه تقبل شهادة الفرع وتسقط [ 222 / ب ] شهادة الأصل ، لأن الأصل يصير مدعى عليه ، والفرع بينة المدعي للشهادة على الأصل . وقال جميع الفقهاء : لا تجوز ذلك إلا مع تعذره ، إما بالموت أو المرض المانع من الحضور أو الغيبة ، واختلفوا في حد الغيبة ، فقال أبو حنيفة : ما يقصر فيه الصلاة ، وهو ثلاثة أيام . وقال أبو يوسف : هو ما لا يمكنه أن يحضره ، ويقيم الشهادة ، ويعود فيبت [ في منزله ] . وقال الشافعي : الاعتبار بالمشقة ، فإن كان عليه مشقة في الحضور حكم بشهادة الفرع ، وإن لم تكن مشقة لم يحكم ، والمشقة قريبة بما قاله أبو يوسف ( 6 ) . يثبت القصاص بالشهادة على الشهادة ، بدلالة عموم الأخبار في جواز الشهادة على الشهادة ، وبه قال الشافعي ، وقال أبو حنيفة : لا يثبت ( 7 ) .