وإن كان الزرع قد سنبل واشتد الحب جاز بيعه منفردا . وإذا كان الزرع مما لا يحصد مرة واحدة ، بل هو مما يحصد مرة بعد أخرى مثل الكرفس [1] والهندباء [2] والنعناع وما أشبه ذلك من البقول وكان قد جز جزة أولى ، كانت العروق داخلة في بيع الأرض لأنها من حقوقها ، وإن كانت لم تجز الجزة الأولى كانت هذه الجزة للبائع ، والباقي للمشتري . وإذا كانت الجزة الأولى للبائع وجب عليه جزها في وقت البيع ، وليس له تركها إلى أن يبلغ أوان الجزاز لأن ذلك يؤدي إلى اختلاط حق البائع بحق المشتري لأن الزيادة التي تحصل للمشتري تنبت مع أصوله التي ملكها بالبيع . فإن باع أرضا قد غرس فيها غرسا ، أو بذر فيها بذرا لما يبقى أصوله حملا بعد حمل - مثل نوى الشجر وبذر القت ، [3] وما جرى مجرى ذلك مما يجز دفعة بعد أخرى كان ذلك داخلا في البيع لأنه من حقوقه . فإن باع الأرض بيعا مطلقا وفيها بذر لما يحصد مرة واحدة مثل الحنطة والشعير لم يدخل ذلك في البيع وإذا لم يدخل في البيع وكان المشتري عالما بهذا البذر ، كان البيع ماضيا عليه ولم يكن له خيار فيه لأنه قد رضي بضرره ، ووجب عليه تركه إلى وقت الحصاد ، وإذا لم يكن عالما به كان مخيرا بين فسخ البيع وبين إمضائه بجميع الثمن لأن النقص الذي في الأرض - بترك الزرع إلى أوان الحصاد - ليس مما يتقسط الثمن عليه ، وإنما هو عيب محض فله الخيار فيما ذكرناه . وإن شرط البائع نقل ذلك في مدة يسيرة لم يكن للمشتري خيار في ذلك لزوال العيب بهذا النقل . وإن لم يبع الأرض بيعا صحيحا مطلقا وباعها مع البذر كان البيع صحيحا .
[1] بفتحتين فالسكون . [2] الهندباء يقال بالفارسي كأسني . [3] ألقت : الرطب من علف الدواب .