ومن كان له أبوان مسلمان وهما مفتقران إليه في القيام بهما أو النفقة عليهما فليس يلزمه الخروج ، وإن كان أبواه كافرين كان الخروج واجبا عليه . وإن كان من يجب عليه الجهاد [1] عليه دين حال ولم يكن له من يوفيه عنه ولا يمكنه قضائه ، فلصاحب الدين منعه من الخروج حتى يقضيه دينه ، فإن كان في يد صاحب الحق رهن فيه وفاء ، بالدين ، فأذن له صاحب الحق بالخروج ، خرج فإن كان الدين مؤجلا وعليه رهن أو لم يكن عليه رهن ، وكان إذا خرج ترك وفائه [2] فإن له الخروج ، أذن له صاحب الحق أو لم يأذن فيه ، فإن لم يترك وفائه فقد ذكر أن له الخروج على كل حال ، وليس لصاحب الدين المؤجل منعه من ذلك ، لأنه بالتأجيل بمنزلة من لا دين عليه . وإذا أحاط [3] الحرب بالبلد وجب على كل من ذكرناه الخروج . وليس له الامتناع من ذلك بشئ من الأعذار التي وصفناها ولا غيرها ، ولا يجوز لصاحب الدين ولا غيره المنع عن ذلك على كل حال . ومن خرج إلى الجهاد ولم يكن له عذر ثم تجدد العذر ، بأن يكون صاحب الدين أذن له في الخروج ثم بدا له من ذلك ، أو كان أبواه كافرين فأسلما فإن كان ذلك قبل التقاء الجمعين جاز له الرجوع ، فإن كان التقى الجمعان لم يجز له الرجوع ويجوز له الخروج بالصبيان [4] للانتفاع بهم ، والنساء يجوز خروجهن ليعالجن الجرحى والمرضى ، والمرأة إذا كان له زوج لم يجز لها الخروج إلى الجهاد إلا بإذنه . وإنما ذكرنا أن يكون مأمورا بالجهاد من قبل الإمام أو من نصبه ، لأنه متى لم يكن واحدا منهما لم يجز له الخروج إلى الجهاد .
[1] في نسختين زيادة كلمة " الواو " ولعلها تصحيف . [2] المراد إنه ترك ما لا يفي بدينه عند حلوله . [3] في نسخة " إذا صار الحرب " وفي أخرى " إذا حار " . [4] وفي نسخة " ويجوز خروج الصبيان " .