من أنه سئل هل عليهن جهاد فقال : لا - وإنما ذكرنا الحرية - لأن العبيد لا يجب عليهم ، لأنهم لا يملكون شيئا ، يوضح ذلك القرآن والخبر . فأما القرآن فقوله سبحانه : ( ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج ) [1] والمملوك داخل في ذلك ، لأنه لا يملك شيئا مما ذكرناه . وأما الخبر فما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله من إنه كان إذا أسلم عنده رجل قال له حر أو مملوك ؟ فإن كان حرا بايعه على الإسلام والجهاد ، وإن كان مملوكا بايعه على الإسلام دون الجهاد [2] . وإنما ذكرنا البلوغ لأن الصبي لا يجب عليه ، لما روي من أن ابن عمر عرض على النبي صلى الله عليه وآله يوم أحد وهو ابن أربع عشر ، سنة فرده ولم يره بالغا ، وأنه عرض عليه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة فأجاز في المقاتلة [3] . وإنما ذكرنا كمال العقل لأن المجانين لا يجب عليهم الجهاد . لأنهم غير مكلفين . وإنما ذكرنا الشيخوخة - التي لا يمكن معها القيام بالحرب ، لأن المكلف بالشيئ إنما يكون مكلفا به مع الاستطاعة له وقدرته عليه ، فأما إذا لم يكن مستطيعا له ولا قادرا عليه لم يصح كونه مكلفا به . وإنما ذكرنا المرض - الذي لا يمكن المريض معه القيام بالحرب - لمثل ما تقدم ، ولأن المرض إما أن يكون ثقيلا ، أو خفيفا . فإن كان ثقيلا كالحمى اللازمة المطبقة أو البرسام [4] وما أشبه ذلك فلا يجب الجهاد عليه لقوله سبحانه : ولا على المريض [5] .
[1] التوبة ، الآية 91 . [2] المبسوط ، ج 2 ، ص 5 . [3] المبسوط ، ج 2 ، ص 5 . [4] البرسام : التهاب في الحجاب الحاجز الذي بين الكبد والقلب [5] الفتح ، الآية 17 .