نام کتاب : السرائر نویسنده : ابن إدريس الحلي جلد : 1 صفحه : 22
سطر واحد قد تبلغ في " السرائر " صفحة مثلا ، ومن هذا القبيل : مسألة طهارة الماء المتنجس إذا تمم كرا بماء متنجس أيضا ، فقد حكم الشيخ في " المبسوط " ببقاء الماء على النجاسة ولم يزد على جملة واحدة في توضيح وجهة نظره ، وأما ابن إدريس فقد اختار طهارة الماء في هذه الحالة ، وتوسع في بحث المسألة ، ثم ختمه قائلا : " ولنا في هذه المسألة منفردة نحو من عشر ورقات قد بلغنا فيها أقصى الغايات ، وحججنا القول فيها والأسئلة والأدلة والشواهد من الآيات والأخبار " . ونلاحظ في النقاط التي يختلف فيها ابن إدريس مع الشيخ الطوسي اهتماما كبيرا منه باستعراض الحجج التي يمكن أن تدعم وجهة نظر الطوسي وتفنيدها . وهذه الحجج التي يستعرضها ويفندها إما أن تكون من وضعه وإبداعه يفترضها افتراضا ثم يبطلها لكي لا يبقى مجالا لشبهة في صحة موقفه ، أو أنها تعكس مقاومة الفكر التقليدي السائد لآراء ابن إدريس الجديدة ، أي أن الفكر السائد استفزته هذه الآراء وأخذ يدافع عن آراء الشيخ الطوسي ، فكان ابن إدريس يجمع حجج المدافعين ويفندها . وهذا يعني أن آراء ابن إدريس كان لها رد فعل وتأثير معاصر على الفكر العلمي السائد الذي اضطره ابن إدريس للمبارزة . ونحن نعلم من " كتاب السرائر " أن ابن إدريس كان يجابه معاصريه بآرائه ويناقشهم ، ولم يكن منكمشا في نطاق تأليفه الخاص ، فمن الطبيعي أن يثير ردود الفعل وأن تنعكس ردود الفعل هذه على صورة حجج لتأييد رأي الشيخ . كما نلمح في بحوث ابن إدريس ما كان يقاسيه من المقلدة الذين تعبدوا بآراء الشيخ الطوسي ، وكيف كان يضيق بجمودهم . ففي مسألة تحديد مقدار الواجب نزحه من البئر إذا مات فيها كافر ، يرى ابن إدريس أن الواجب نزح جميع ما في البئر ، بدليل أن الكافر إذا باشر ماء البئر وهو حي وجب نزحها جميعا اتفاقا ، فوجوب نزح الجميع إذا مات فيها أولى . وإذا كان هذا الاستدلال - الاستدلال بالأولوية - يحمل طابعا عقليا جزئيا بالنسبة إلى مستوي العلم الذي عاصره ابن
22
نام کتاب : السرائر نویسنده : ابن إدريس الحلي جلد : 1 صفحه : 22