نام کتاب : السرائر نویسنده : ابن إدريس الحلي جلد : 1 صفحه : 206
دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه بعد الإجماع ، قوله تعالى : " وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره " ( 2 ) فأوجب التوجه على كل مصل ، إلى شطر البيت ، فإذا لم يفعل ذلك ، كان الأمر عليه باقيا ، فيلزمه الإعادة . فإن قيل : الآية تقتضي وجوب التوجه على كل مصل ، وليس فيها دلالة على أنه إذا لم يفعل لزمته الإعادة ؟ قلنا : لم نحتج بالآية على وجوب القضاء وإنما بينا بالآية وجوب التوجه على كل مصل ، فإذا لم يأت بالمأمور به ، فهو باق في ذمته ، فيلزمه فعله . وليس لأحد أن يقول : هذه الآية إنما يصح أن يحتج بها الشافعي ، لأنه يوجب الإعادة على كل حال ، في الوقت وبعد خروج الوقت ، وأنتم تفصلون بين الأمرين فظاهر الآية يقتضي أن لا فصل بينهما ، فلا دليل لكم على مذهبكم في الآية . قلنا : إنما أمر الله تعالى كل مصل للظهر مثلا بالتوجه إلى شطر البيت ، ما دام في الوقت ، ولم يأمره بالتوجه بعد خروج الوقت ، لأنه إنما يأمر بأداء الصلاة ، لا بقضائها ، والأداء ما كان في الوقت ، والقضاء ما خرج عن الوقت ، فهو إذا تحرى القبلة وصلى إلى جهة ، ثم تبين له الخطأ ، وتيقن أنه صلى إلى غير القبلة ، وهو في الوقت ، لم يخرج عنه ، فحكم الأمر باق عليه ، ووجوب الصلاة متوجها إلى القبلة باق في ذمته ، وما فعله غير مأمور به ، ولا يسقط عنه الفرض ، فيجب أن يصلي ما دام الوقت وقت الصلاة ، المأمور بها وهي التي تكون إلى جهة الكعبة ، لأنه قادر عليها ، وهو متمكن منها ، وبعد خروج الوقت ، لا يقدر على فعل المأمور به بعينه ، لأنه قد فات بخروج الوقت ، والقضاء في الموضع الذي يجب فيه ، إنما نعلمه بدليل غير دليل وجوب الأداء هكذا يقتضي أصول الفقه عند محققي هذا الشأن .
( 1 ) البقرة : 144 .
206
نام کتاب : السرائر نویسنده : ابن إدريس الحلي جلد : 1 صفحه : 206