نام کتاب : السرائر ( موسوعة إبن إدريس الحلي ) نویسنده : ابن إدريس الحلي جلد : 1 صفحه : 273
مثاله إذا ورد حكم مطلق في موضع ، ثمّ ورد ذلك الحكم بعينه في موضع آخر مقيّداً بصفة ، فإنّ مطلقه يكون محمولاً على مقيّده ، ويتبين بذلك التقييد مراد المخاطب بالمطلق ، وهذا ممّا لا خلاف فيه بين من تكلّّم في أصول الفقه . فأمّا مسألة الخلاف أن يثبت حكم في موضع مطلقاً ، ثمّ يرد ما هو من جنس ذلك الحكم لا بعينه في موضع آخر مقيداً ، فهل يجب حمل المطلق هاهنا على ذلك المقيّد أم لا ؟ والصحيح من الأقوال : إنّ لكلّّ منها حكم نفسه ، لأنّهما حكمان متغايران وإن كان جنسهما واحداً ، ومثاله كفارة الظهار مطلقة ، وكفارة قتل الخطأ مقيّدة ، فلا يحمل المطلق على المقيّد هاهنا إلاّ بدليل منفصل ، لأنّه يكون قياساً ، والقياس متروك عند أهل البيت عليهم السلام ، وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام انّه قال : “ لا بأس بدم ما لم يذك ” [1] . فأمّا الكلام في دم البق والبراغيث وما أشبههما ، فالدليل على ما ذهبنا إليه فيه الآية الّتي تقدمت ، وهي قوله تعالى : * ( قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا ) * - إلى قوله - * ( أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا ) * ودم البراغيث والبق ليس بمسفوح ، وليس هذا اعتماداً على تعلّق الحكم بصفة ، وتعويلاً على دليل الخطاب ، بل الحكم متعلق بشرط متى لم يقصر عليه لم يكن مؤثراً ، وخرج من أن يكون شرطاً على ما ذكرناه فيما تقدم ، فإن عورضنا بعموم قوله تعالى : * ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ ) * كان الكلام على ذلك ما تقدم ، وعلى ما اخترناه اجماع أصحابنا وفتاويهم وتصانيفهم .