نام کتاب : السرائر ( موسوعة إبن إدريس الحلي ) نویسنده : ابن إدريس الحلي جلد : 1 صفحه : 217
علينا ولا تعيّن ، ولو كان لنا طريق سواه لما وجب تعييناً وتحتم . فإن قيل : أليس الأمر بمجرّده عندكم في عرف الشّرع يقتضي الوجوب دون الندب ، والفور دون التراخي ؟ قلنا : بلى ، قال : فقد قال سبحانه : * ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ) * وهذا أمر للجنب بالتطهير ، متى كان جنباً بلا خلاف ، فغسل الجنابة واجب بهذا الأمر . قلنا : هذه الآية الثانية الّتي هي معطوفة على الآية الأولى ، وهي قوله تعالى : * ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) * [1] . فأمرنا أن نكون غاسلين وماسحين إذا أردنا القيام إلى الصلاة ، وقبل دخول وقت الصلاة لا يجب علينا القيام إليها ، ولا الغسل لها ، فلما عرّفنا سبحانه حكم الطهارة الصغرى عطف عليها حكم الطهارة الكبرى ، وهي غسل الجنابة ، وهو إذا أردنا القيام إلى الصلاة بعد دخول وقتها يجب علينا الاغتسال ، وهذا مذهبنا بعينه . فإن قال : هما جملتان لكلّ واحدة حكم نفسها . قلنا : صحيح انّهما جملتان ، إلاّ أنّ الجملة الثانية معطوفة على الجملة الأولى بواو العطف ، بلا خلاف عند أهل اللسان والمحصّلين لهذا الشأن ، والمعطوف عندهم له حكم المعطوف عليه ، ويتنزل منزلته ، ويشاركه في أحكامه بغير خلاف ، لأنّ واو العطف عندهم ينوب ويقوم مقام الفعل ، فاستغنوا بها عن