والأحوط هو الثاني ، بل ثبوته في ما يجري مجرى البيع عند العرف ، لا يخلو من وجه . وكيف كان شرطه أمران : اعتبار اتحاد الجنس في تحقّق الربا أحدهما : اتحاد الجنس ؛ وضابطه الاتحاد في الحقيقة النوعيّة الكاشف عنه دخولهما تحت لفظ خاصّ في غير الفرع بالنسبة إلى أصله وإن كانت الفرعيّة بإرشاد من الشارع ، كالحنطة والشعير ؛ فكلّ ما صدق عليه الحنطة أو الأرز أو التمر أو العنب جنس واحد ، فلا يجوز بيع بعضها ببعض بالتفاضل وإن تخالفا في الصفات والخواص ، فلا يتفاضل بين الحنطة الرديئة الحمراء والجيّدة البيضاء ، ولا بين العنبر الجيّد من الأرز والرديء من الشنبة ، ورديء الزاهدي من التمر وجيّد الخستاوي منه ، وغير ذلك . بخلاف ما إذا دخل كلّ منهما في غير الأصل والفرع تحت لفظ كالحنطة مع التمر أو العدس ؛ فلو باع منّاً من حنطة بمنّين من التمر أو بمنّين من عدس ، لا ربا . اعتبار المكيليّة أو الموزونيّة الثاني : كون العوضين من المكيل أو الموزون ، فلا ربا في ما يباع بالعدّ أو المشاهدة . الشعير والحنطة في باب الربا ، بحكم جنس واحد ؛ فلا يجوز المعاوضة بينهما بالتفاضل وإن لم يكونا كذلك في باب الزكاة ، فلا يكمل نصاب أحدهما بالآخر ، وكذا دين أحدهما ، لا يؤدى بالآخر . وهل " العلس " [1] من جنس الحنطة و " السلت " [2] من جنس الشعير أو كلّ منهما خارج من الجنسين ؟ وعلى الثاني لا يتّحدان معهما في حكم الرّبا ، فيه إشكال ، الأحوط أن لا يباع أحدهما بالآخر وكلّ منهما بالحنطة والشعير إلَّا مثلًا بمثل .
[1] العَلَسْ نوعٌ من الحنطة يكون حبّتان في قشرٍ وهو طعام أهل صنعاء ، عن الجوهري مجمع ) . [2] السُلت : ضربٌ من الشعير لا قشر فيه كأنّه الحنطة يكون في الحجاز ، وعن الأزهري هو كالحنطة في ملاسته وكالشعير في طبعه وبرودته مجمع ) .