اليد وقد عرفت تفصيله في المسائل السابقة كذلك للضمان سببان آخران : الإتلاف ، والتسبيب ، وبعبارة أخرى : له سبب آخر وهو الإتلاف سواء كان بالمباشرة أو التسبيب . ( مسألة 55 ) : الإتلاف بالمباشرة واضح لا يخفى مصاديقه ، كما إذا ذبح حيواناً أو رماه بسهم فقتله ، أو ضرب على إناء فكسره ، أو رمى شيئاً في النار فأحرقه وغير ذلك ممّا لا يحصى ، وأمّا الإتلاف بالتسبيب فهو إيجاد شئ يترتّب عليه الإتلاف بسبب وقوع شئ ، كما لو حفر بئراً في المعابر فوقع فيها إنسان أو حيوان ، أو طرح المعاثر والمزالق كقشر البطَّيخ والرقّي في المسالك ، أو أوتد وتداً في الطريق فأصاب به عطب أو جناية على حيوان أو إنسان ، أو وضع شيئاً على الطريق فتمرّ به الدابّة فتنفر بصاحبها فتعقره ، أو أخرج ميزاباً على الطريق فأضرّ بالمارّة ، أو ألقى صبيّاً أو حيواناً يضعف عن الفرار في مسبعة فقتله السبع ، ومن ذلك ما لو فكّ القيد عن الدابّة فشردت ، أو فتح قفصاً عن طائر فطار مبادراً أو بعد مكث وغير ذلك ، ففي جميع ذلك يكون فاعل السبب ضامناً ويكون عليه غرامة التالف وبدله إن كان مثليّا فبالمثل وإن كان قيميّاً فبالقيمة ، وإن صار سبباً لتعيّب المال كان عليه الأرش كما مرّ في ضمان اليد . ( مسألة 56 ) : لو غصب شاة ذات ولد فمات ولدها جوعاً ، أو حبس مالك الماشية أو راعيها عن حراستها فاتّفق تلفها لم يضمن بسبب التسبيب ، إلَّا إذا انحصر غذاء الولد بارتضاع من أمّه وكانت الماشية في محالّ السباع ومظانّ الخطر وانحصر حفظها بحراسة راعيها ، فعليه الضمان حينئذٍ على الأقوى [1] . ( مسألة 57 ) : ومن التسبيب الموجب للضمان ما لو فكّ وكاء ظرف فيه مائع فسال ما فيه ، وأمّا لو فتح رأس الظرف ثمّ اتّفق أنّه قلبته الريح الحادثة أو انقلب بوقوع طائر عليه مثلًا فسال ما فيه ، ففي الضمان تردّد وإشكال . نعم يقوى الضمان فيما كان ذلك في حال هبوب الرياح العاصفة أو في مجتمع الطيور ومظانّ وقوعها عليه . ( مسألة 58 ) : ليس من التسبيب الموجب للضمان ما لو فتح باباً على مال فسرق ، أو دلّ سارقاً عليه فسرقه ، فلا ضمان عليه .