( مسألة 29 ) : يجوز أن يأكل الإنسان ولو مع عدم الضرورة من بيوت من تضمّنته الآية الشريفة في سورة « النور » وهم الآباء والأُمّهات والإخوان والأخوات والأعمام والعمّات والأخوال والخالات . وكذا يجوز لمن كان وكيلًا على بيت أحد مفوّضاً إليه أُموره وحفظه بما فيه ، أن يأكل من بيت موكَّله ، وهو المراد من : « ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَه » المذكور في تلك الآية الشريفة . وكذا يجوز أن يأكل الصديق من بيت صديقه ، وكذا الزوجة من بيت زوجها ، والأب والأُمّ من بيت الولد . وإنّما يجوز الأكل من تلك البيوت إذا لم يعلم كراهة صاحب البيت ، فيكون امتيازها عن غيرها بعدم توقّف جواز الأكل منها على إحراز الرضا والإذن من صاحبها ، فيجوز مع الشكّ ، بل ومع الظنّ بالعدم أيضاً على الأقوى [1] بخلاف غيرها . والأحوط اختصاص الحكم بما يعتاد أكله من الخبز والتمر والإدام والفواكه والبقول ونحوها ، دون نفائس الأطعمة التي تدّخر غالباً لمواقع الحاجة وللأضياف ذوي الشرف والعزّة . والظاهر التعدية إلى غير المأكول من المشروبات العاديّة من الماء واللبن المخيض واللبن الحليب وغيرها . نعم لا يتعدّى إلى بيوت غيرهم ، ولا إلى غير بيوتهم كدكاكينهم وبساتينهم ، كما أنّه يقتصر على ما في البيت من المأكول ، فلا يتعدّى إلى ما يشترى من الخارج بثمن يؤخذ من البيت . ( مسألة 30 ) : تباح جميع المحرّمات المزبورة حال الضرورة إمّا لتوقّف حفظ نفسه وسدّ رمقه على تناوله ، أو لعروض المرض الشديد الذي لا يتحمّل عادة بتركه ، أو لأداء تركه إلى لحوق الضعف المفرط المؤدّي إلى المرض [2] أو التلف ، أو المؤدّي للتخلَّف عن الرفقة مع ظهور أمارة العطب ، ومنها : ما إذا خيف بتركه على نفس أخرى محترمة ، كالحامل تخاف على جنينها ، والمرضعة على طفلها ، بل ومن الضرورة خوف طول المرض [3] أو عسر علاجه بترك التناول . والمدار في الكلّ على الخوف الحاصل من العلم أو الظنّ [4] بالترتّب ، لا مجرّد الوهم والاحتمال .
[1] لكن لا ينبغي ترك الاحتياط ، خصوصاً مع غلبته . [2] الذي لا يتحمّل عادة ، أو لنفس الجوع والعطش اللذين لا يتحمّلان عادة . [3] الذي لا يتحمّل عادة . [4] بل أو الاحتمال الذي يكون له منشأ عقلائي .