يشربها كلّ يوم ولكنّه الموطَّن نفسه أنّه إذا وجدها شربها ، هذا مع كثرة المضارّ في شربها التي اكتشفها حذّاق الأطبّاء في هذه الأزمنة وأذعن بها المنصفون من غير ملَّتنا . ( مسألة 16 ) : يلحق بالخمر موضوعاً أو حكماً كلّ مسكر جامداً كان أو مائعاً ، وما أسكر كثيره دون قليله ، حرم قليله وكثيره . ( مسألة 17 ) : إذا انقلبت الخمر خلَّا حلَّت سواء كان بنفسها أو بعلاج ، وسواء كان العلاج بدون ممازجة شئ فيها ، كما إذا كان بتدخين أو مجاورة شئ ، أو كان بالممازجة سواء استهلك الخليط فيها قبل أن تنقلب خلَّا ، كما إذا مزجت بقليل من الملح أو الخلّ فاستهلكا فيها ثمّ انقلبت خلَّا ، أو لم يستهلك [1] ، بل بقي فيها إلى ما بعد الانقلاب ، ويطهر ذلك الممتزج الباقي بالتبعية كما يطهر بها الإناء . ( مسألة 18 ) : ومن المحرّمات المائعة الفقّاع إذا صار فيه غليان ونشيش وإن لم يسكر ، وهو شراب معروف كان في الصدر الأوّل يتّخذ من الشعير في الأغلب ، وليس منه ماء الشعير المعمول بين الأطبّاء . ( مسألة 19 ) : يحرم عصير العنب إذا نشّ وغلى بنفسه ، أو غلى بالنار . وكذا عصير الزبيب [2] على الأحوط لو لم يكن الأقوى . وأمّا عصير التمر ، فالأقوى أنّه يحرم إذا غلى بنفسه [3] ويحلّ إذا غلى بالنار . والظاهر أنّ الغليان بالشمس كالغليان بالنار فله حكمه . ( مسألة 20 ) : الظاهر أنّ الماء الذي في جوف حبّة العنب بحكم عصيره ، فيحرم إذا غلى بنفسه أو بالنار ، نعم لا يحكم بحرمته ما لم يعلم بغليانه ، وهو نادر جدّاً لعدم الاطَّلاع على باطنها غالباً ، فلو وقعت حبّة من العنب في قدر يغلي وهي تعلو وتسفل في الماء المغليّ ، فمن يطَّلع على كيفيّة ما في جوف تلك الحبّة ؟ ولا ملازمة بين غليان ماء القدر وغليان ما في جوفها ، بل لعلّ المظنون عدمها لأنّ المظنون أنّه لو غلى ما في جوفها لتفسّخت وانشقّت . وبالجملة : المدار على حصول العلم بالغليان وعدمه ، فمن علم به حرم عليه ومن لم يعلم به حلّ له .
[1] إذا كان الخلط للعلاج بمقدار متعارف ، وأمّا مع الزيادة عنه فمحلّ إشكال ، بل مع الغلبة فالأقوى حرمتها ونجاستها . [2] الأقوى حلَّيّته . [3] إن ثبت أنّه بالغليان بنفسه يصير خمراً ، وإلَّا فلا .