كتاب المزارعة وهي المعاملة على أن تزرع الأرض بحصّة من حاصلها ، وهي عقد من العقود يحتاج إلى إيجاب من صاحب الأرض ، وهو كلّ لفظ أفاد إنشاء هذا المعنى كقوله : « زارعتك » أو « سلَّمت إليك الأرض مدّة كذا على أن تزرعها على كذا » وأمثال ذلك ، وقبول من الزارع بلفظ أفاد إنشاء الرضا بالإيجاب كسائر العقود . والظاهر كفاية القبول الفعلي بعد الإيجاب القولي بأن يتسلَّم الأرض بهذا القصد ويشتغل لها . ولا يعتبر فيها العربيّة ، بل يقع عقدها بأيّ لغة كان ، وفي جريان المعاطاة فيها إشكال [1] . ( مسألة 1 ) : يعتبر فيها زائداً على ما اعتبر في المتعاقدين في سائر العقود من البلوغ والعقل والقصد والاختيار والرشد [2] أُمور : أحدها : جعل الحاصل مشاعاً بينهما ، فلو جعل الكلّ لأحدهما أو شرطا أن يكون بعضه الخاصّ كالذي يحصل متقدّماً أو الذي يحصل من القطعة الفلانيّة لأحدهما والآخر للآخر ، لم يصحّ . ثانيها : تعيين حصّة الزارع بمثل النصف أو الثلث أو الربع ونحو ذلك . ثالثها : تعيين المدّة بالأشهر أو السنين ، ولو اقتصر على ذكر المزروع في سنة واحدة ففي الاكتفاء به عن تعيين المدّة وجهان ، أوجههما الأوّل ، لكن فيما إذا عيّن مبدأ الشروع في الزرع ، وإذا عيّن المدّة بالزمان لا بدّ أن تكون مدّة يدرك فيها الزرع بحسب العادة ، فلا تكفي المدّة القليلة التي تقصر عن إدراكه . رابعها : أن تكون الأرض قابلة للزرع ولو بالعلاج والإصلاح وطمّ الحفر وحفر النهر
[1] لا يبعد جريانها بعد تعيين ما يلزم تعيينه . [2] وعدم الحجر لفلس إذا كان تصرّفه ماليّاً ، وأمّا إذا كان من الزارع العمل فقط فلا .