كتاب العارية وهي التسليط [1] على العين للانتفاع بها على جهة التبرّع وهي من العقود تحتاج إلى إيجاب وقبول ، فالإيجاب كلّ لفظ له ظهور عرفي في إرادة هذا المعنى ، كقوله : « أعرتك » أو « أذنت لك في الانتفاع به » أو « انتفع به » أو « خذه لتنتفع به » ونحو ذلك ، والقبول كلَّما أفاد الرضا بذلك ، ويجوز أن يكون بالفعل بأن يأخذ العين المعارة بعد إيجاب المعير بهذا العنوان ، بل الظاهر أنّه لا يحتاج في وقوعها وصحّتها إلى لفظ أصلًا فتقع بالمعاطاة كما إذا دفع إليه قميصاً ليلبسه فأخذه للبس أو دفع إليه إناء أو بساطاً ليستعمله فأخذه واستعمله . ( مسألة 1 ) : يعتبر في المعير أن يكون مالكاً للمنفعة ، وله أهليّة التصرّف ، فلا تصحّ إعارة الغاصب عيناً أو منفعة ، وفي جريان الفضوليّة فيها حتّى تصحّ بإجازة المالك كالبيع والإجارة وجه قويّ . وكذا لا تصحّ إعارة الصبيّ والمجنون والمحجور عليه لسفه أو فلس إلَّا مع إذن الوليّ أو الغرماء ، وفي صحّة إعارة الصبيّ بإذن الوليّ احتمال لا يخلو من قوّة . ( مسألة 2 ) : لا يشترط في المعير ملكيّة العين ، بل يكفي ملكيّة المنفعة بالإجارة أو بكونها موصى بها له بالوصيّة ، نعم إذا اشترط استيفاء المنفعة في الإجارة بنفسه ليس له الإعارة . ( مسألة 3 ) : يعتبر في المستعير أن يكون أهلًا للانتفاع بالعين ، فلا تصحّ استعارة المصحف للكافر واستعارة الصيد للمحرم لا من المحلّ ولا من المحرم ، وكذا يعتبر فيه التعيين فلو أعار شيئاً أحد هذين أو أحد هؤلاء لم يصحّ . ولا يشترط أن يكون واحداً ، فيصحّ إعارة شئ واحد لجماعة ، كما إذا قال : أعرت هذا الكتاب أو الإناء لهؤلاء العشرة ،
[1] أو هي عقد ثمرته ذلك ، أو ثمرته التبرّع بالمنفعة .