فبتقدير أن تقطع ولا يموت في كم تبرأ ؟ فقالوا في شهرين وتبقى في مكانها حفيرة بيضاء ، لا ينبت فيها شعر . فسألهم الوزير : متى رأيتموه ؟ قالوا : منذ عشرة أيام . فكشف الوزير عن الفخذ الذي كان فيه الألم ، وهي مثل أختها ليس فيها أثر أصلا ، فصاح أحد الحكماء : هذا عمل المسيح ! فقال الوزير حيث لم يكن عملكم فنحن نعرف من عملها . ثم إنه أحضر عند الخليفة المستنصر رحمه الله تعالى ، فسأله عن القصة ، فعرفه بها كما جرى ، فتقدم له بألف دينار ، فلما حضرت قال : خذ هذه فأنفقها ، فقال : ما أجسر آخذ منه حبة واحدة ! فقال الخليفة : ممن تخاف ، فقال من الذي فعل معي هذا ! قال لا تأخذ من أبي جعفر شيئا ، فبكى الخليفة وتكدر ! وخرج من عنده ولم يأخذ شيئا . قال أفقر عباد الله تعالى إلى رحمته علي بن عيسى عفا الله عنه : كنت في بعض الأيام أحكي هذه القصة لجماعة عندي ، وكان هذا شمس الدين محمد ولده عندي وأنا لا أعرفه فلما انقضت الحكاية قال : أنا ولده لصلبه ، فعجبت من هذا الإتفاق وقلت : هل رأيت فخذه وهي مريضة ؟ فقال : لا ، لأني أصبو عن ذلك ، ولكني رأيتها بعدما صلحت ، ولا أثر فيها ، وقد نبت في موضعها شعر . وسألت السيد صفي الدين محمد بن محمد بن بشر العلوي الموسوي ، ونجم الدين حيدر بن الأيسر رحمهما الله تعالى ، وكانا من أعيان الناس وسراتهم وذوي الهيئات منهم ، وكانا صديقين لي وعزيزين عندي ، فأخبراني بصحة هذه القصة وأنهما رأياها في حال مرضها ، وحال صحتها ، وحكى لي ولده هذا : أنه كان بعد ذلك شديد الحزن لفراقه عليه السلام ، حتى أنه جاء إلى بغداد ، وأقام بها في فصل الشتاء ، وكان كل أيام يزور سامراء ويعود إلى بغداد ، فزارها في تلك