فلم أر لذلك المرض أثرا ، فتداخلني الشك من الدهش ، فأخرجت رجلي الأخرى فلم أر شيئا ، فانطبق الناس علي ، ومزقوا قميصي ، فأدخلني القوام خزانة ، ومنعوا الناس عني . وكان ناظر بين النهرين بالمشهد فسمع الضجة ، وسأل عن الخبر فعرفوه ، فجاء إلى الخزانة وسألني عن اسمي ، وسألني منذ كم خرجت من بغداد فعرفته أني خرجت في أول الأسبوع ، فمشى عني . وبت في المشهد وصليت الصبح وخرجت ، وخرج الناس معي إلى أن بعدت عن المشهد ورجعوا عني ، ووصلت إلى أوانا فبت بها ، وبكرت منها أريد بغداد ، فرأيت الناس مزدحمين على القنطرة العتيقة ، يسألون من ورد عليهم عن اسمه ونسبه وأين كان ؟ فسألوني عن اسمي ومن أين جئت فعرفتهم فاجتمعوا علي ومزقوا ثيابي ، ولم يبق لي في روحي حكم ، وكان ناظر بين النهرين كتب إلى بغداد وعرفهم الحال . ثم حملوني إلى بغداد ، وازدحم الناس علي وكادوا يقتلونني من كثرة الزحام وكان الوزير القمي رحمه الله تعالى قد طلب السعيد رضي الدين رحمه الله ، وتقدم أن يعرفه صحة الخبر . قال : فخرج رضي الدين ومعه جماعة . فوافينا باب النوبي فرد أصحابه الناس عني فلما رآني قال : أعنك يقولون ؟ قلت : نعم ؟ فنزل عن دابته وكشف عن فخذي فلم ير شيئا ، فغشي عليه ساعة ، وأخذ بيدي وأدخلني على الوزير وهو يبكي ، ويقول يا مولانا هذا أخي وأقرب الناس إلى قلبي ، فسألني الوزير عن القصة فحكيت له ، فأحضر الأطباء الذين أشرفوا عليها وأمرهم بمداواتها ، فقالوا : ما دواؤها إلا القطع بالحديد ، ومتى قطعها مات ! فقال لهم الوزير