ارتضى ، أشار إلى الظلم الذي جرى عليه ، وأحال إحقاق الحق إلى محكمة يكون القاضي فيها هو الله . وقد توسل المأمون بكل وسيلة لحط مقامه ( عليه السلام ) وإطفاء أنوار فضائله ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ، فعن الحسن بن الجهم ، قال : حضرت مجلس المأمون يوما وعنده علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، وقد اجتمع الفقهاء ، وأهل الكلام من الفرق المختلفة ، فسأله بعضهم ، فقال له : يا بن رسول الله بأي شئ تصح الإمامة لمدعيها ؟ قال : بالنص والدليل ، قال له : فدلالة الإمام ما هي ؟ قال : في العلم واستجابة الدعوة [1] . . والحديث طويل مشتمل على مطالب شامخة نقتصر منها على الإشارة إلى ما أفاد ( عليه السلام ) فيما تثبت به الإمامة : فإن الدليل لا بد من ارتباطه بالمدلول كارتباط المعلول بالعلة ، حتى يكون إثباتا لما هو في مقام الثبوت ، والإمام كما في الصحيح : أمين الله في أرضه ، وحجته على عباده [2] ، والأمانة عنوان إضافي متعلق بالمستأمن والأمين ، وإذا كان المستأمن هو الله سبحانه فالأمانة هي العلوم الإلهية ، وكلمات الله التامات ، وما تنزل الملائكة والروح في ليلة القدر من كل أمر ، وحروف الاسم الأعظم الذي كان حرف منه عند آصف فجاء بعرش بلقيس قبل ارتداد الطرف ، وما يحتاج إليه الناس في معاشهم ومعادهم ، والإمام هو مختار الله لإكمال دينه وإتمام نعمته { وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة } [3] . والأمين يحتاج إلى سند من المستأمن لإثبات كونه أمينا له ، ومن هذه الجهة
[1] عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ج 2 ص 200 باب 46 ح 1 . [2] عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ج 1 ص 218 باب 20 ح 1 . [3] سورة القصص : 68 .