إليه المأمون ، فسأله الرجوع ، فدعا أبو الحسن ( عليه السلام ) بخفه فلبسه ورجع [1] . وقد تحقق أنه ( عليه السلام ) لم يقبل ولاية العهد ، بل ردها . قال علي بن عيسى الثقة عند الفريقين في كشف الغمة : وفي سنة سبعين وستمائة وصل من مشهده الشريف أحد قوامه ومعه العهد الذي كتبه المأمون بخط يده وبين سطوره وفي ظهره بخط الإمام ما هو مسطور ، فقبلت مواقع أقلامه وسرحت طرفي رياض كلامه ، وعددت الوقوف عليه من منن الله وأنعامه . . . [2] . ويظهر من الكتاب شدة الأمر على الإمام ( عليه السلام ) ، ولكنه أظهر ما يمكن إظهاره بأول كلامه وآخر كلامه فكتب : " بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله الفعال لما يشاء ، لا معقب لحكمه ، ولا راد لقضائه ، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور . . . " [3] . فبين أن ما يشاء الله كائن لا ما يشاؤون ، لا يعقب حكمه بما يحكمون ، ولا يرد قضاؤه بما يريدون ، وأشار إلى الأعين الخائنة وما تخفي الصدور من طرح ولاية العهد إلى نهاية الأمر . وأبطل كل ما احتاله المأمون بما كتب في آخر كتابه : " والجامعة والجفر يدلان على ضد ذلك ، وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ، إن الحكم إلا لله يقضي بالحق وهو خير الفاصلين " [4] . وبعدما بين بالجامعة والجفر ما لا يعلمه إلا عالم الغيب الذي لا يظهر غيبه إلا لمن
[1] عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ج 2 ص 150 باب 40 ح 21 . [2] كشف الغمة ج 2 ص 333 . [3] كشف الغمة ج 2 ص 337 . [4] كشف الغمة ج 2 ص 337 .