أما منشأ هذه الشهادة فهو العرفان والإيمان الذي ظهرت منهما أشعة في دعائه يوم عرفة في عرفات [1] ، فإنه ( عليه السلام ) بعدما خاطب ربه سبعة وعشرين مرة بكلمة الخطاب التي تدل على أنه كان في مقام الحضور عند مليك مقتدر ليس بينه وبين عبده حجاب ، وبدأ بقوله ( عليه السلام ) : " يا مولاي أنت الذي مننت " وختم بقوله ( عليه السلام ) : " أنت الذي أكرمت تباركت ربنا [ ربي ] وتعاليت " وبعدما بين ما هو حق الرب بنعمه ومننه ، وما يستحقه العبد بقصوره وتقصيره ، خاطب الله سبحانه بالتهليل اليونسي ، الذي هو منتهى سير الكمل من الأولياء الذين وصلوا إلى معرفة الله ، ومعرفة النفس ، فقال : " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " وعقب هذا التهليل بقوله ( عليه السلام ) : " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من المستغفرين ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الموحدين ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الخائفين ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الوجلين ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الراجين ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الراغبين ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من المهللين ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من السائلين ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من المسبحين ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من المكبرين ، لا إله إلا أنت سبحانك ربي ورب آبائي الأولين " . وافتتاح هذه التهليلات ب " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " بيان لما هو من نفسه ، واختتامها ب " لا إله إلا أنت سبحانك ربي ورب آبائي الأولين " بيان لما هو من ربه ، من التربية التكوينية والتشريعية له ولآبائه ، وأما استغفاره ( عليه السلام ) فهو من حسنات الأبرار التي هي سيئات المقربين . وتوحيده لله سبحانه توحيده في الأحدية والألوهية والربوبية إلى آخر مراتب التوحيد ، وهو التوحيد في محبة الله الذي ظهر منه ( عليه السلام ) حيث بذل مهجته في الله .