{ وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا } [1] مرتبة تعجبت منها ملائكة السماوات . [2] وبلغ من الشكر مرتبة بحيث لم ير ما نزل عليه مصيبة ، بل يرى كل ما ورد عليه من المصائب نعمة ، فهو يثني على الله في أشد البلاء أحسن الثناء ، ويرى الضراء رحمة من الله كالسراء فيحمده عليهما ، ولا ينظر إلى ما ابتلاه الله به ، بل نظره مقصور على ما أكرمه الله به ، وآخر دعواه ربنا فاجعلنا من الشاكرين . وإن البيان ليقل واللسان ليكل عن بيان شهادته التي عظمت رزيتها في الآفاق والأنفس . ومقتضى العدل والحكمة أن تكون الدرجات على وزان الأعمال { ولكل درجات مما عملوا } [3] ، { وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون } [4] . واختلاف الأعمال يدور مدار اختلاف مراتب العلم والإيمان { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } [5] . ولابد في معرفة كل عمل اختياري من النظر إلى ما ينشأ منه ، وإلى ما يترتب عليه ، وإلى نفس العمل وخصوصياته التي يكون العمل متصفا بها ، ولذلك تختلف الأعمال باختلاف أنفسها وعللها ومعلولاتها .
[1] سورة السجدة : 24 . [2] المزار ص 503 . [3] سورة الأنعام : 132 . [4] سورة الأحقاف : 19 . [5] سورة المجادلة : 11 .