رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، حتى قال علي ( عليه السلام ) أصابها من الضر والضرر الشديد ، لم تشتك مما جرى عليها ، وتجاوزت عن مرتبة الصبر على تلك الشدائد إلى مرتبة الشكر عليها ، فهي لم تر مصيبة حتى تصبر عليها ، بل رأتها ألطافا إلهية ظاهرية ، فقالت : الحمد لله على نعمائه ، ومننا باطنية فقالت : والشكر لله على آلائه ، فرضيت عن الله تعالى وأرضاها الله بقوله تعالى لأبيه : { ولسوف يعطيك ربك فترضى } [1] ، وظهر وجه تسميتها بالراضية والمرضية . 4 - لما نزلت هذه الآية على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : { وإن جهنم لموعدهم أجمعين * لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم } [2] بكى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بكاء شديدا ، وبكى أصحابه ببكائه ، ولم يدروا ما نزل به جبرئيل ( عليه السلام ) ، ولم يستطع أحد من أصحابه أن يكلمه ، وكان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا رأى فاطمة فرح بها ، فانطلق بعض أصحابه إلى باب فاطمة وبين يديها شئ من شعير وهي تطحن وتقول : وما عند الله خير وأبقى ، قال فقال : السلام عليك يا بنت رسول الله ، فقالت : وعليك السلام ما جاء بك ؟ وأخبرها بخبر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبكائه ، فنهضت ، والتفت بشملة لها خلقة ، قد خيطت اثني عشر مكانا بسعف النخل ، فلما خرجت نظر سلمان الفارسي إلى الشملة ، وبكى وقال : واحزناه ! إن قيصر وكسرى لفي السندس والحرير ، وابنة محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عليها شملة صوف قد خيطت في اثني عشر مكانا ، فلما دخلت فاطمة على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قالت : يا رسول الله ، إن سلمان تعجب من لباسي ، فوالذي بعثك بالحق ما لي ولعلي منذ خمس سنين إلا مسك كبش نعلف عليها بالنهار بعيرنا ، فإذا كان الليل افترشناه ، وإن مرفقتنا لمن أدم حشوها ليف ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إن ابنتي لفي