عشر قد اشتهرت من طرق كثيرة ، فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان ، علم أن مراد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من حديثه هذا الأئمة الاثنا عشر من أهل بيته وعترته ، إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه ، لقلتهم عن اثني عشر ، ولا يمكن أن يحمل على الملوك الأموية لزيادتهم على اثني عشر ، ولظلمهم الفاحش إلا عمر بن عبد العزيز ، ولكونهم غير بني هاشم ، لأن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : ( كلهم من بني هاشم ) في رواية عبد الملك عن جابر ، وإخفاء صوته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في هذا القول يرجح هذه الرواية ، لأنهم لا يحسنون خلافة بني هاشم ، ولا يمكن أن يحمل على الملوك العباسية لزيادتهم على العدد المذكور ، ولقلة رعايتهم الآية { قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى } [1] . فلا بد من أن يحمل هذا الحديث على الأئمة الاثني عشر من أهل بيته وعترته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأنهم كانوا أعلم أهل زمانهم وأجلهم وأورعهم وأتقاهم ، وأعلاهم نسبا ، وأفضلهم حسبا ، وأكرمهم عند الله ، وكان علمهم عن آبائهم متصلا بجدهم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبالوراثة واللدنية ، كذا عرفهم أهل العلم والتحقيق ، وأهل الكشف والتوفيق . ويؤيد هذا المعنى أي أن مراد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الأئمة الاثنا عشر من أهل بيته ، ويشهد له ويرجحه حديث الثقلين ، والأحاديث المتكثرة المذكورة في هذا الكتاب وغيرها ) [2] . عن السدي في تفسيره ، وهو من علماء الجمهور وثقاتهم : ( لما كرهت سارة مكان هاجر أوحى الله تعالى إلى إبراهيم : أن انطلق بإسماعيل وأمه حتى تنزله بيت
[1] سورة الشورى : 23 . [2] ينابيع المودة ج 3 ص 292 .