الثانية المجازاة والعقاب ! الالتفات إلى الخطاب وبعدما أقبل قلب المصلي إلى عظمة الألوهية والربوبية ورحمانيته اليه ورحيميته وفضله وعدله ، وأدرك أن غيره لا يليق أن يكون معبودا ينتقل من الغيبة إلى الخطاب فيقول : ( إياك نعبد ) . وبما أن العبادة تحتاج إلى هداية وحول وقوة ، يقول ( وإياك نستعين ) ، ففي ( نعبد ) يرى أن العبادة منه ، وفي ( نستعين ) يرى أنها بالله تعالى حيث ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) . وفي ( إياك نعبد ) ينفي الجبر ، وفي ( إياك نستعين ) ينفي التفويض . وبهيئة المتكلم مع الغير ( نعبد ) يربط نفسه بجماعة المسلمين ، فيتحقق عملا كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة . * وبعد أن يؤدي المصلي مراسم العبودية ، يدخل في مرحلة الدعاء ، مرحلة طلب العبد من مولاه . . فيقول ( إهدنا الصراط المستقيم ) ، وبذلك يطلب أعظم جوهر ينفعه في كل مراحل وجوده ، لأن علو همة الانسان ، وإكرام مقام الألوهية يقتضي أن يطلب طلبا عظيما ، هو جوهر الهداية إلى الصراط المستقيم ، السليم من كل إفراط وتفريط . والخط المستقيم واحد لا تعدد فيه ، فالله واحد وصراطه واحد ، وهو خط يبدأ من نقطة نقص الانسان التي يقول عنها الله تعالى : { والله أخرجكم من بطون أمهاتكم