تعالى تعد على حرمته ، والتعدي على حرمة غير المتناهي لا يقاس بالتعدي على حرمة غيره ، فصاحب العظمة غير المتناهية حرمته غير متناهية ! ومعصية الذي حقه ونعمته على الانسان لا تعد ولا تحصى ، لابد أن تجازى بما يناسبها . والذنب الذي يرتكبه الانسان مع ربه ليس بالأمر السهل كما قد يتخيل ، فإن الطاقة التي يصرفها فيه حصيلة الكون ، إذ حياته مترابطة مع الكون ، فالذنب الذي يرتكبه الانسان خيانة لما يسعى اليه عالم الكون . لذلك كان لا بد من كتاب وحساب وجزاء بالعدل ، في ذلك اليوم العظيم ، الذي وصفه الله تعالى بقوله : { يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم * يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد } [1] . ولكن مع ذلك كله عدله عين الفضل ، لأن الجزاء من الرحمن على العصيان لا يقاس بما يستحقه العبد على الطغيان ، لتجريه على رب العرش العظيم ، سبحان من هو في اطاعته وعصيانه جواد كريم . إن المصلي العارف عندما يقرأ ( مالك يوم الدين ) ترتعد فرائصه ، ولذا كان إمام العارفين وزين العابدين علي بن الحسين ( عليهما السلام ) عندما يصل إليها يكررها ويبكي ، حتى يكاد أن يموت [2] . إن آيتي ( الرحمن الرحيم ) و ( مالك يوم الدين ) تعطيان المصلي جناحي الخوف والرجاء ، فيعرف بهما رحمة الله وعزته ، فيطمع بالأولى المغفرة والثواب ، ويرى في