واضحة بالنسبة إلى الموثقة المزبورة ، وأما بالنسبة إلى خبر أبي ولَّاد ، فلأن ذلك هو المفهوم منه بمقتضى السياق ، مضافا إلى ما يؤيده من قرينة قوله المتعرض لبيان الحكم فيه من الاحتساب من الثلث وعدمه ، إذ لو كان جائزا عنده عليه السّلام كالهبة لكان أولى بالتعرّض لبيان الحكم فيه منها ، لكونه المسؤول عنه دونها . ومن الواضح أنه ليس في بيانه عليه السّلام لحكم الهبة دلالة على بيان حكمه بوجه من وجوه الدلالة ، ومشاركة لها في الجواز المدّعى دلالة الخبر عليه لا يدل على مشاركته لها في الحكم المذكور لها في الخبر المزبور . كما أنه يشهد لما قلناه ثبوت المنع من الإبراء فقط ، كما في صحيح الحلبي [1] ، أو مع النصّ على جواز الهبة ، كما في الموثقة المزبورة [2] . ومن هذا تعلم ما في دعوى كون الإضراب في الخبر المزبور للترقّي ، فتأمّل جيدا . هذا ولا يدفع القدح في الروايتين المزبورتين بما قلناه ما تكلَّفه بعض الأصحاب لدفعه ، من دعوى أنّ الإمام عليه السّلام كان يعلم أنّ حق المرأة لم يتعلَّق بذمة الزوج ، وإنما كان عينا موجودة ، فلذلك منع عليه السّلام من الإبراء ، لكونه لا يقع على الأعيان ، وأمر بالهبة لكونها تقع عليها . فإنه كما ترى ، وذلك لامتناع ما ذكره من الوجه في خبر أبي ولَّاد [3] ، فإنّ السؤال فيه إنما هو عن الإبراء عن الدين ، ولمخالفته للظاهر بما في الموثقة ، ضرورة أنّ الظاهر من قوله فيها : عن الرجل يكون عليه لامرأته الصداق أو بعضه ، أنّ الصداق في ذمة الزوج ، لا أنه عين موجودة ، وإلَّا لقال بدل ( عليه ) : عنده .
[1] التهذيب 9 : 201 حديث 802 . [2] التهذيب 9 : 201 حديث 803 . [3] التهذيب 9 : 195 حديث 783 ، الإستبصار 4 : 120 حديث 157 .