أما الأول فواضح - وأما الثاني : فلأنه في تلك الأراضي يمكن أن يقال إن الشارع الأقدس جعل حقا لغير المالك فيها ، كما في الثمرة الواقعة في عرض الطريق التي يجوز للمارة أكلها فيكون الملكية من أول حدوثها ملكية مقيدة غير مطلقة ، وهذا لا يجري في المقام : إذ الملكية للدور وما شاكل لم تكن مقيدة فتلك السيرة لا تنفع في المقام . الوجه الثالث : ما ينسب إلى بعض فقهاء العصر ، وهو : أن الأرض إذا كسيت بالإسمنت أو القير أو ما شاكل ، فما يوضع عليه القدم في أثناء العبور ليس هو نفس الأرض بل يوضع القدم على التبليط ، والفضاء لا مانع من العبور فيها ، ولذا لا كلام في جواز رمي الحجارة من أحد جانبي ملك الغير إلى الآخر ، وفي جواز عبور الطائرات في الفضاء المملوك للناس . وفيه : أولا : إن أحجار التبليط بما أنها معتمدة على الأرض فالقدم وإن كان يوضع عليها إلا أنه يعد ذلك تصرفا في الأرض أيضا . وثانيا : إن رمي الحجارة يجوز من جهة أن العرف لا يرونه تصرفا لحقارته وقلته ، وأما عبور الطيارة ، فلعل وجه جوازه : إن الفضاء التي يعبر فيها الطائرة لا تكون مملوكة . توضيح ذلك أن ما اشتهر من أن كل من ملك أرضا ملك لفراغها إلى عنان السماء و لقرارها إلى تخوم الأرضين لا أصل له : لعدم الدليل عليه ، مع أن اعتبار هذه الملكية لا يكون عقلائيا ولا شرعيا . بل الحق : إن من ملك أرضا يملك مقدارا من الفراغ الذي يتوقف عليه تصرفاته في أرضه ولمقدار آخر منه بتبعية الأرض بمنزلة الحريم لها ، ولا يملك ما تجاوز عن ذلك ، نعم ما تجاوز عن ذلك يملكه الحكومة بعنوان أنه حريم للمملكة ، ولذا للحكومة المنع من عبور الطائرات من فضاء المملكة وإن لم يكن ذلك لمالك كل قطعة منها ، وعلى هذا فتصرف العابر في فضاء الدار يكون حراما ولا يقاس بالتصرف في المثالين . الوجه الرابع : إن أصحاب تلك الأموال بعد فتح الشارع يعرضون عن أموالهم لعلمهم بعدم رجوعها إليهم ، والاعراض مخرج للملك وموجب لانسلاخ الملكية عن المالك . والجواب إن : هذا الوجه فاسد من ناحيتين : الأول : إن اليأس غير الاعراض ، والثابت هو يأس أصحاب تلك الأموال عن وصول