أموالهم إليهم ، وأما الاعراض عنها فلا يكون ثابتا . الثانية : إن الاعراض لا يكون موجبا لخروج المال عن ملك صاحبه : إذ لا دليل على أنه في مقابل العناوين الخاصة المخرجة للملك عن ملك صاحبه من البيع والهبة وغيرهما ، يوجب الخروج سوى النبوي المعروف " الناس مسلطون على أموالهم " [1] . بدعوى : أنه يدل على أن الناس مسلطون على التصرف في أموالهم بأنحاء التصرفات حتى التصرفات المخرجة كالبيع ، ومنها الاعراض . ويتوجه عليه : أنه يدل على أن كل أحد مسلط على التصرف في أمواله فمد لوله ثبوت السلطنة في موضوع المال ، ولو كان ذلك التصرف موجبا لخروج المال عن ملكه كالبيع : فإن البايع يتصرف في ماله باعطائه للغير ولازمه رفع السلطنة عن نفسه ، ولا يدل على السلطنة على اذهاب الموضوع وإزالة السلطان - وبعبارة أوضح : أنه يدل على ثبوت السلطنة في ظرف ثبوت الموضوع ولا يكون متعرضا لحكم السلطنة على اعدام الموضوع ، فلا يدل على أن الاعراض موجب لانسلاخ الملكية ولو صرح بذلك ، فضلا عما لو لم يصرح بذلك كما في المقام . الوجه الخامس : إنه من مجوزات التصرف في ملك الغير رضاؤه بذلك ولو لم ينشأ صريحا ، ولكن انكشف بشاهد الحال ، حتى أن القوم صرحوا بأنه يكفي في تحقق الرضا المبيح للتصرف وجوده شأنا ، بأن يكون المالك بالقوة راضيا بذلك التصرف ، وإن صدر من غير اطلاعه أو في حال نومه ، أو نحو ذلك مما يمتنع أن يتحقق معه الرضا الفعلي . وعليه فيمكن استكشاف رضا أصحاب الأموال بتصرف العابرين ، من أنهم بعد ما رأوا ابتلاء الناس بالعبور على أملاكهم ، وعدم عود الأملاك إليهم لا محالة يكونون راضين بهذا التصرف غاية الأمر قد يكون الرضا فعليا وقد يكون شأنيا . ويتوجه على هذا الوجه أولا : إن ذلك لا يصحح العبور في الشوارع من ناحية أنه ربما يكون في البين صغير أو مجنون ورضاية هؤلاء لا تكفي .
[1] البحار ج 1 ص 154 الطبع القديم و ج 2 ص 272 الطبع الحديث .