الإباحة بالعوض : والكلام فيها في مواضع : 1 - في حقيقتها ، وإنها هل تكون بيعا ، أو إجارة ، أو صلحا ، أم معاوضة مستقلة . 2 - في الدليل على صحتها ونفوذها . 3 - في أنها لازمة أم جائزة . أما المورد الأول : فلا ريب في أنها ليست تمليكا للعين ولا للمنافع ، ولا للانتفاع ، أما الأولان فواضح ، وأما الأخير فلأن الانتفاع قائم بالمباح له ومن أفعاله فكيف يملكه ، ولا من قبيل اعطاء حق له فإن جواز التصرف من الأحكام التكليفية لا من الحقوق وعلى هذا ، فهي ليست اعطاء شئ بالمباح له بإزاء شئ فلا تكون بيعا . ولا تكون نقلا للمنافع فلا تكون إجارة . وليست انشاء للتصالح والتسالم على أمركما هو واضح فلا تكون صلحا ، وبعبارة أخرى ، إن الصلح ليس هو التسالم على أمر وإلا لزم كون جميع المعاملات صلحا ، بل الصلح المقابل لسائر العقود مسالمة عقدية وانشاء للتسالم ، ومن الواضح أنها لا تنطبق على المقام ، فيتعين أن تكون معاملة مستقلة . وأما المورد الثاني : فيشهد لصحتها ، وجوه . أحدها : آية " تجارة عن تراض " [1] . فإن التجارة عبارة عن التكسب والاسترباح الشامل للمقام . ثانيها : السيرة العقلائية القائمة على الإباحة بالعوض المسمى كما هو المتعارف في إجارة الدكاكين والفنادق وما شاكل ، إذ الانسان يستأجر الدكان من مالكه شهرا مثلا بمبلغ معين ، ثم يبنيان على أنه كل ما بقي المستأجر يعطي الأجرة بتلك النسبة ، بل التصرف في الحمامات من هذا القبيل . وهي بضميمة عدم الردع من الشارع الأقدس دليل الصحة والنفوذ .
[1] النساء آية 29 - قال الله تعالى لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض .