حكم بيع المذياع ممن يعلم أنه ينتفع به في الحرام : وأما المورد الرابع فقد استدل لعدم جواز بيعه في هذه الصورة خاصة بوجوه . الوجه الأول : عموم النهي عن التعاون على الإثم والعدوان في الآية الكريمة ، " ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " [1] بتقريب أن البيع ممن يعلم بصرف المبيع في الحرام ، إعانة على الإثم ، فيشمله الآية الشريفة . وأورد عليه : بأن النهي في الآية الشريفة أريد به الحكم التنزيهي بقرينة الأمر بالإعانة على البر والتقوى الذي ليس للالزام قطعا . ولكن يمكن دفعه ، بأن جواز فعل ما نهى عنه الشارع الأقدس بتوقف عند العقل على ورود ترخيص من الشارع فيه ، فمع عدمه يحكم العقل بلزوم المتابعة ومجرد المقابلة بأمر غير الزامي لا يصلح قرينة على ذلك كما لا يخفى . والحق : في الايراد على الاستدلال بالآية الشريفة ، إن المنهى عنه هو التعاون ، لا ، الإعانة ، وهو من باب التفاعل وهو عبارة عن اجتماع عدة من الأشخاص ، لايجاد أمر ، و يكون ذلك صادرا عن جميعهم ، كان يجتمعوا على قتل نفس محترمة بأن يقتلوه جميعا ، وأما الإعانة ، التي هي من باب الأفعال فهي عبارة عن ايجاد مقدمات فعل الغير مع استقلال ذلك الغير في صدور الحرام والإثم منه ، فحرمة التعاون التي هي مدلول الآية لا تستلزم حرمة الإعانة على الإثم . والاستدلال : لحرمتها بالاجماع ، فاسد ، لعدم حجية المنقول منه ، مع أنه يحتمل استناد المجمعين إلى سائر الوجوه المذكورة من الآية الشريفة وغيرها . وأدلة النهي عن المنكر ، ستعرف تقريب الاستدلال بها والجواب عنه . فالأظهر : عدم حرمة الإعانة على الإثم ، لعدم الدليل عليها ، والأصل عدمها ، إلا ما خرج بالدليل ، كإعانة الظالمين ، وإعانة أعوانهم اللتين لا شبهة في حرمتهما نصا وفتوى . وأضف إلى ذلك كله ، إنه يمكن أن يقال كما في الحدائق ، بأن النصوص الواردة في بيع