تصرفاته ونشاطاته ، ولكن لا بمعنى انه يكف عن النشاطات المتعددة في الحياة ويحصر نفسه بين جدران المعبد ، بل بمعنى ان يحول تلك النشاطات إلى عبادات ، فالمسجد منطلق للانسان الصالح في سلوكه اليومي ، وليس محددا لهذا السلوك ، وقد قال النبي ( ص ) لأبي ذر : " ان استطعت ان لا تأكل ولا تشرب الا لله فافعل " . وهكذا تكون العبادة من اجل الحياة ، ويقدر نجاحها التربوي والديني بمدي امتدادها مضمونا وروحا إلى شتى مجالات الحياة . 3 - الجانب الحسي في العبادة : ادراك الانسان ليس مجرد احساس فحسب وليس مجرد تفكير عقلي وتجريدي فحسب ، بل هو مزاج من عقل وحس من تجريد وتشخيص . وحينما يراد من العبادة ان تؤدي دورها على نحو يتفاعل معها الانسان تفاعلا كاملا وتنسجم مع شخصيته المؤلفة من عقل وحس ، ينبغي ان تشتمل العبادة نفسها على جانب حسي وجانب عقلي تجريدي ، لكي تتطابق العبادة مع شخصية العابد ، ويعيش العابد في ممارسته العبادية ارتباطه بالمطلق بكل وجوده . ومن هنا كانت النية والمحتوى النفسي للعبادة يمثل دائما جانبها العقلي التجريدي ، إذ تشد الانسان العابد إلى المطلق الحق سبحانه وتعالى ، وكانت هناك معالم أخرى في العبادة تمثل جانبها الحسي . فالقبلة التي يجب على كل مصلي ان يستقبلها في صلاته ، والبيت الحرام الذي يؤمه الحاج والمعتمر ويطوف به ، والصفا والمروة اللذان يسعى بينهما ، وجمرة العقبة التي يرميها بالحصيات ، والمسجد الذي خصص مكانا للاعتكاف يمارس فيه المعتكف